على الحق أطرا ولو بأن يمسه سوط من العذاب فإن الحق لا يتم إلا بذلك والشرع لا يمضي إلا به وقد أوجب الله على عباده الحكم بالحق والعدل وكف يد الظالم عن المظلوم واستخراج المظلمة من يد الظالم وردها إلى المظلوم فيجب التوصل إلى ذلك بما يسوغه الشرع وقد قدمنا أن النبي A أمر الزبير أن يعذب اليهودي حتى يقر بالمال لحيي بن أخطب ويدل على موضعه .
وإذا تقرر لك هذا عرفت أنه لا حاجة لقول المصنف إلا في الحد والنسب .
وأما قوله قيل ومع سكوته يحبس حتى يقر أو ينكر فصحيح ووجهه أنه إذا لم يكن للمدعي بينة وصمم خصمه على ترك إجابه الدعوى كان تقريره على ذلك إهمالا لتنفيذ أحكام الله وسد لباب العدل وفتحا لباب الجور وتخلية بين الظالم والمظلوم فحسبه هو أقل ما يستحقه ثم إذا لم يؤثر ذلك وجب على القاضي أن ينزل به سوطا من العقوبة كما قدمنا حتى يقر أو ينكر .
وأما قوله ويقبل اليمين بعد النكول فصحيح ووجهه ظاهرة لأنه امتنع من حق يجب عليه فإذا أجاب إليه وجب علينا قبوله ومجرد تلكئه عن يمين في الابتداء لا يصلح مستندا للحكم عليه كما قدمنا .
وأما قوله والبينة بعدها فلا وجه له لأن السبب الشرعي قد ثبت باليمين فوجب الحكم به .
وأما قوله ما لم يحكم فيهما فهو باعتبار النكول غير صحيح لا باعتبار اليمين فهو صحيح بل وإن لم يحكم فإنه لا قبول للبينة بعد اليمين أصلا ولهذا يقول A للحضرمي ألك بينة قال لا فلك يمينه قال يا رسول الله الرجل فاجر لا يحلف وليس يتورع قال ليس لك منه