وقد أبان رسول الله A لسويد أن يمينه بارة صادقة وأوضح له أن لذلك وجها إن كان مقصودا له وإن لم يكن مقصودا له فقد صح حلفه وبر في يمينه لما حصل بها من تخليص رجل من المسلمين من يد ظالمة وما ذكره من تقديم ما يدل عليه العرف فوجهه ظاهر لأن الحالف إنما يقصد في يمينه ما يتعارف به أهل بلده .
والحاصل أنه يحمل كلامه على ما هو الغالب على قصده السابق إلى إرادته وإن كان ممن يعرف لغة العرب أو يعرف ما نقله الشرع عنها صار بعد ذلك النقل معنى شرعيا فإنه لا يحمل على ذلك مع وجود العرف المستقر الشائع المتقرر عند الحالف وقومه فإن كان لا عرف في ذلك الذي تكلم به كان الرجوع في مثله إلى المعنى العربي أو الشرعي إن كان الحالف ممن يعرفهما ويتكلم بهما ويقدم المعنى الحقيقي على المعنى المجازي ويقدم الشرعي على اللغوي وهكذا اعتبار صحيح لا بد منه ولا وجه للاعتراض عليه للقطع بأن المقاصد والإرادات هي التي يحمل عليها الكلام وكل متكلم لا يريد إلا ما هو الغالب في لسانه ولسان قومه ولو حمل كلامه على غير ذلك لكان حملا للكلام على خلاف ما هو المراد منه والمقصود به وذلك غلط أو مغالطة .
وقد أطال المصنف من ذكر هذه الأمثلة الحزبية إلى آخر الفصل وذلك ينافي ما هو المقصود له من الاختصار ولا يتعلق به كثير فائدة لأن غاية ما فيه بيان ما هو السابق إلى الفهم في هذه الأمور في عرف المصنف وأهل عصره من جهته والأعراف تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة فإن كان عرف الحالف مخالفا لشيء من هذه الصور التي ذكرها المصنف كان الاعتماد على عرفه لا على ما ذكره المصنف ها هنا مع أن ذكر هذه الصور مفسدة وهي أنه يظن المقصرون أن الرجوع إليها محتم وأن حمل كلام الحالف عليها متعين وإن كان عرفه مخالفا لها وهذا ظن باطل وخيال مختل وتوهم فاسد وإن كان ما ذكره المصنف في بعض هذه الصور بيانا للمعنى اللغوي أو الشرعي فقد عرفت أنه لا يصار إلى ذلك إلا عند عدم العرف