" ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون " " ولقد كنتم تمنون الموت " خوطب به الذين لم يشهدوا بدرا وكانوا يتمنون أن يحضروا مشهدا مع رسول الله A ليصيبوا من كرامة الشهادة ما نال شهداء بدر . وهم الذين ألحوا على رسول الله A في الخروج إلى المشركين وكان رأيه في الإقامة بالمدينة يعني : وكنتم تمنون الموت قبل أن تشاهدوه وتعرفوا شدته وصعوبة مقاساته " فقد رأيتموه وأنتم تنظرون " أي رأيتموه معاينين مشاهدين له حين قتل بين أيديكم من قتل إخوانكم وأقاربكم وشارفتم أن تقتلوا . وهذا توبيخ لهم على تمنيهم الموت وعلى ما تسببوا له من خروج رسول الله A بإلحاحهم عليه ثم انهزامهم عنه وقلة ثباتهم عنده . فإن قلت : كيف يجوز تمني الشهادة وفي تمنيها تمني غلبة الكافر المسلم ؟ قلت : قصد متمني الشهادة إلى نيل كرامة الشهداء لا غير ولا يذهب وهمه إلى ذلك المتضمن كما أن من يشرب دواء الطبيب النصراني قاصد إلى حصول المأمول من الشفاء ولا يخطر بباله أن فيه جر منفعة وإحسان إلى عدو الله وتنفيقا لصناعته . ولقد قال عبد الله بن رواحة Bه - حين نهض إلى مؤتة وقيل له ردكم الله : .
لكنني أسأل الرحمن مغفرة ... وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا .
أو طعنة بيدي حران مجهزة ... بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا .
حتى يقولوا إذا مروا على جدثي ... أرشدك الله من غاز وقد رشدا .
" وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين " لما رمى عبد الله بن قمئة الحارثي رسول الله A بحجر فكسر رباعيته وشج وجهه أقبل يريد قتله فذب عنه A مصعب بن عمير وهو صاحب الراية يوم بدر ويوم أحد حتى قتله ابن قمئة وهو يرى أنه رسول الله A فقال : قد قتلت محمدا . وصرخ صارخ : ألا إن محمدا قد قتل . وقيل : كان الصارخ الشيطان ففشا في الناس خبر قتله فانكفؤا فجعل رسول الله A يدعو : " إلي عباد الله " حتى انحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم على هربهم فقالوا : يا رسول الله - فديناك بآبائنا وأمهاتنا - أتانا خبر قتلك فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين فنزلت وروي :