يخرجون من البحر بهذه المعجزة الإلهية الكبرى ويرون بأعينهم عبدة الأصنام والأوثان حتى كان منهم ما حكاه الله في القرآن وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين .
ثم لما ذهب موسى إلى مناجاة ربه واستخلف عليهم أخاه هارون عليهما السلام نسوا الله تعالى وحنوا إلى ما وقر في نفوسهم من الوثنية المصرية وخرافاتها فعبدوا العجل كما تحدثت سورة الأعراف بذلك واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين .
ولما دعاهم موسى إلى قتال الجبارين ودخول الأرض المقدسة التي كتب الله لهم أبوا وخالفوا وفضلوا القعود والاستخذاء على الجلاد والنزول إلى ميادين الجهاد قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون هؤلاء أصحاب موسى فانظر إلى أصحاب محمد كيف تأثروه بالقرآن حتى ليحدث التاريخ عنهم أنهم قطعوا شجرة الرضوان وهي تلك الشجرة التاريخية المباركة التي ورد ذكرها في القرآن وما هذا إلا لأن الناس تبركوا بها فخاف عمر إن طال الزمان بالناس أن يعودوا إلى وثنيتهم ويعبدوها فأمر بقطعها ووافقه الصحابة على ذلك .
وكذلك يذكر التاريخ أن محمدا استشار أصحابه حين عزم على قتال المشركين في غزوة بدر فقالوا والله لو استعرضت بنا هذا البحر يريدون البحر الأحمر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد إنا لا نقول لك ما قال قوم موسى لموسى فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ولكن نقول اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون هكذا كانوا يفضلون مصافحة المنايا في ميادين الجهاد ويتهافتون على الغزو طمعا في الاستشهاد وهكذا حصروا على الموت فوهبهم الله الحياة وأتقنوا صناعة الموت فدانت لهم الملوك وعنت الكماة ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز