الشبهة الخامسة .
يقولون إن تواتر القرآن منقوض بأن ابن مسعود وهو من أجلاء الصحابة لم يوافق على مصحف عثمان بدليل الروايات الآتية وهي .
1 - أن شقيق بن سلمة يقول خطبنا عبد الله بن مسعود على المنبر فقال ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة 3 آل عمران 161 .
غلوا مصاحفكم .
أي اخفوها حتى لا تحرق وكيف تأمرونني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت وقد قرأت من في رسول الله مثله رواه النسائي وأبو عوانة وابن أبي داود .
2 - أن خير بن مالك يقول لما أمر بالمصاحف أن تغير ساء ذلك عبد الله بن مسعود فقال من استطاع أن يغل مصحفه أي يخفيه حتى لا يحرق فليفعل .
وقال في آخره أفأترك ما أخذت من في رسول الله .
3 - أن الحاكم يروي من طريق أبي ميسرة قال رحت فإذا أنا بالأشعري وحذيفة وابن مسعود .
فقال ابن مسعود والله لا أدفعه يعني مصحفه .
أقرأني رسول الله فذكره .
ونجيب أولا بأن هذه الروايات لا تدل أبدا على عدم تواتر القراءات ولاعلى عدم تواتر ما جاء في مصحف عثمان .
غاية ما تدل عليه أن ابن مسعود لم يوافق أول الأمر على إحراق مصحفه .
وهذا لا ينقض تواتر ما جاء في مصحف عثمان لأنه ليس من شرط التواتر على ما في مصحف عثمان أن يحرق ابن مسعود مصحفه ولا أن يحرق أحد مصحفه .
بل المحقق للتواتر أن يرويه جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب في كل طبقة .
وهذا موجود في مصحف عثمان لأن ما فيه رواه ووافق عليه جموع عظيمة من الصحابة محال أن تكذب وحسبك عثمان ودستوره في جمع القرآن .
فارجع إليه إن شئت .
ثانيا أنه على فرض مخالفة ابن مسعود لمصحف عثمان فإن هذه المخالفة لا تذهب بتواتر القرآن .
لأن أركان التواتر متحققة في المصحف العثماني على رغم هذه المخالفة المفروضة ولم يقل أحد في الدنيا إن من شرط التواتر ألا يخالف فيه مخالف حتى تكون مخالفة ابن مسعود لمصحف عثمان ناقضة لتواتر القرآن .
ثالثا أن هذه الروايات التي ساقوها طعنا في تواتر القرآن لا تدل على أن ابن مسعود يخالف في القراءة بمصحف عثمان .
بل هو يقرأ به كما يقرأ بروايته التي انفرد بها وسمعها وحده من فم النبي .
ألا ترى إلى قوله وقد قرأت من في رسول الله مثله فإن كلمة مثله فيها اعتراف منه بأن زيد بن ثابت قرأ مثله من رسول الله ولكن