لتفصيله وأخر في الثانية لمراعاة الفواصل وقيل التقديم لذلك وأما التأخير فلا يفصل بين القتل وأخيه وهو الأسر فاصل وقيل : غوير بين الجملتين في النظم لتغاير حال الفريقين في الواقع فقد قدم أحدهما فقتل وأخر الآخر فأسر وقرأ إبن عامر والكسائي الرعب بضم العين وقرأ أبو حيوة تأسرون بضم السين وقرأ اليماني يأسرون بياء الغيبة وقرأ إبن أنس عن إبن ذكوان بها فيه وفي يقتلون ولا يظهر لي وجه وجيه لتخصيص الأسم بصيغة الغيبة فتأمل وتفصيل القصة على سبيل الإختصار أنه لما كانت صبيحة الليلة التي إنهزم فيها الأحزاب أو ظهر يوم تلك الليلة على ما في بعض الروايات وقد رجع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والمسلمون إلى داخل المدينة أتى جبريل عليه السلام معتجرا بعمامة أستبرق على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من ديباج رسول الله وهو عند زينب بنت جحش تغسل رأسه الشريف وقد غسلت شقه فقال : أوقد وضعت السلاح يا رسول الله قال : نعم فقال : عفا الله تعالى عنك ما وصعت الملائكة عليهم السلام السلاح بعد وما رجعت إلا الآن من طلب القوم وإن الله تعالى يأمرك بالمسير إلى بني قريظة وإني عامد إليهم فمزلزل بهم حصونهم فأمر E مؤذنا فأذن في الناس من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة وأستعمل على المدينة إبن أم مكتوم وقدم علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه برايته إليهم وأبتدرها الناس فسار كرم الله تعالى وجهه حتى إذا دنا من الحصون سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فرجع حتى لقيه E فقال : يارسول الله لا عليك أن تدنو من هؤلاء الأخابث قال : لم أظنك سمعت لي منهم أذى قال : نعم يارسول الله قال لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا فلما دنا رسول الله من حصونهم قال : يا إخوان القردة هل أخزاكم الله تعالى وأنزل بكم نقمته قالوا : ياأبا القاسم ما كنت جهولا وفي رواية فحاشا وكان E قد مر بنفر من أصحابه بالصورين قبل أن يصل إليهم فقال : هل مر بكم أحد قالوا : يارسول الله قد مر بنا دحية بن خليفة الكلبي على بغلة بيضاء عليها حالة قطيفة ديباج فقال E : ذلك جبريل عليه السلام بعث إلى بني قريظة يزلزل بهم حصونهم ويقذف الرعب في قلوبهم ولما أتاهم نزل على بئر من آبارها من ناحية أموالهم يقال لها بئر أنا وتلاحق الناس فأتى رجال من بعد العشاء الآخرة ولم يصلوا العصر لقول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا يصلين أحد العصر إلا ببني قريظة وقد شغلهم ما لم يكن لهم منه بد في حربهم فلما أتوا صلوها بعد العشاء فما عابهم الله تعالى بذلك في كتابه ولا عنفهم رسوله E .
وحاصرهم صلى الله تعالى عليه وسلم خمسة وعشرين ليلة وقيل : إحدى وعشرين وقيل : خمس عشرة وجهدهم الحصار وخافوا أشد الخوف وقد كان حيي بن أخطب دخل معهم في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان وفاء لكعب بن أسد بما عاهده عليه فلما أيقنوا بأن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم غير منصرف عنهم حتى يناجزهم قال لهم كعب : يامعشر يهود قد نزل بكم من الأمر ما ترون وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا فخذوا أيها شئتم قالوا : وما هي قال : نتابع هذا الرجل ونصدقه فوالله لقد تبين لكم أنه نبي مرسل وأنه الذي تجدونه في كتابكم فتأمنون على مائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم قالوا : لا نفارق حكم التوراة أبدا ولا نستبدل به غيره قال فإذا أبيتم على هذه فانقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج إلى محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه رجالا مصلتين بالسيوف لم نترك وراءنا ثقلا حتى يحكم الله تعالى بيننا وبينهم فإن نهلك نهلك ولم نترك