وأخرج الشيخان وغيرهما عن إبن عباس قال إذا حرم الرجل عليه أمرأته فهو يمين يكفرها وقال : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة إلى غير ذلك من الأخبار وتمام الكلام في كتب الأصول .
لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر أي يؤمل الله تعالى وثوابه كما يرمز إليه أثر عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما وعليه يكون قد وضع اليوم الآخر بمعنى يوم القيامة موضع الثواب لأن ثوابه تعالى يقع فيه فهو على ما قال الطيبي من إطلاق أسم المحل على الحال والكلام نحو قولك : أرجو زيدا وكرمه مما يكون ذكر المعطوف عليه فيه توطئة للمعطوف وهو المقصود وفيه من الحسن والبلاغة ما ليس في قولك : أرجو زيدا كرمه على البدلية وقال صاحب الفرائد يمكن أن يكون التقدير يرجو رحمة الله أو رضا الله وثواب اليوم الآخر ففي الكلام مضافان مقدران وعن مقاتل أي يخشى الله تعالى ويخشى البعث الذي فيه جزاء الأعمال على أنه وضع اليوم الآخر موضع البعث لأنه يكون فيه والرجاء عليه بمعنى الخوف ومتعلق الرجاء بأي معنى كان أمر من جنس المعاني لأنه لا يتعلق بالذوات وقدر بعضهم المضاف إلى الأسم الجليل لفظ أيام مرادا بها الوقائع فإن اليوم يطلق على ما يقع فيه من الحروب والحوادث وأشتهر في هذا حتى صار بمنزلة الحقيقة وجعل قرينة هذا التقدير المعطوف وجعل العطف من عطف الخاص على العام والظاهر أن الرجاء على هذا بمعنى الخوف وجوز أن يكون الكلام عليه كقولك : أرجو زيدا وكرمه وأن يكون الرجاء فيه بمعنى الأمل إن أريد ما في اليوم من النصر والثواب وأن يكون بمعنى الخوف والأمل معا بناء على جواز إستعمال اللفظ في معنييه أو في حقيقته ومجازه وإرادة ما يقع فيه من الملائم والمنافر وعندى أن تقدير أيام غير متبادر إلى الفهم وفسر بعضهم اليوم الآخر بيوم السياق والمتبادر منه يوم القيامة و من على ما قيل بدل من ضمير الخطاب في لكم وأعيد العامل للتأكيد وهو بدل كل من كل والفائدة فيه الحث على التأسي وإبدال الأسم الظاهر من ضمير المخاطب هذا الإبدال جائز عند الكوفيين والأخفش ويدل عليه قوله : بكم قريش كفينا كل معضلة وأم نهج الهدى من كان ضليلا ومنع ذلك جمهور البصريين : ومن هنا قال صاحب التقريب وهو بدل إشتمال أو بدل بعض من كل ولا يتسنى إلا على القول بأن الخطاب عام وهو مخالف للظاهر كما سمعت ومع هذا يحتاج إلى تقدير منكم وقال أبو البقاء : يجوز أن يكون لمن متعلقا بحسنة أو بمحذوف وقع صفة لها لأنه وقع بعد نكرة وقيل : يجوز أن يكون صفة لأسوة وتعقب بأن المصدر الموصوف لا يعمل فيما بعد وصفه وكذا تعدد الوصف بدون العطف لا يصح وقد صرح بمنع ذلك الإمام الواحدي ولا يخفى أن المسئلة خلافية فلا تغفل .
وذكر الله كثيرا 12 أي ذكرا كثيرا وقرن سبحانه بالرجاء كثرة الذكر لأن المثابرة على كثرة ذكره عزوجل تؤدي إلى ملازمة الطاعة وبها يتحقق الإئتساء برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومما ينبغي أن يعلم أنه قد صرح بعض الأجلة كالنووي أن ذكر الله تعالى المعتبر شرعا ما يكون في ضمن جملة مفيدة كسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ونحو ذلك ومالا يكون بمفرد لا يعد شرعا ذكرا نحو الله أو قادر أو سميع أو بصير إذا لم يقدر هناك ما يصير به اللفظ كلاما والناس عن هذا غافلون وأنهم أجمعوا على أن الذكر المتعبد بمعناه لا يثاب صاحبه ما لم يستحضر معناه فالمتلفظ بنحو سبحان الله ولا إله إلا الله إذا كان غافلا عن المعنى غير ملاحظ له ومستحضرا إياه لا يثاب إجماعا والناس أيضا عن هذا غافلون