فرقا وجبنا وإختيار البداوة ليكونوا سالمين من القتال والجملة في موضع الحال من فاعل بادون وحكى إبن عطية أن أبا عمرو وعاصما والأعمش قرؤا يسلون بغير همز نحو قوله تعالى سل بني إسرائيل ولم يعرف ذلك عن أبي عمرو وعاصم ولعل ذلك في شاذهما ونقلها صاحب اللوائح عن الحسن والأعمش وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما وقتادة والجحدري والحسن ويعقوب بخلاف عنهما يساءلون بتشديد السين والمد وأصله يتساءلون فأدغمت التاء في السين أي يسأل بعضهم بعضا أي يقول بعضهم لبعض : ماذا سمعت وماذا بلغك أو يتساءلون الأعراب أي يسألونهم كما تقول : رأيت الهلال وتراءيته وأبصرت زيدا وتباصرته ولو كانوا فيكم أي في هذه الكرة المفروضة بقوله تعالى : وإن يأت الأحزاب أو لو كانوا فيكم في الكرة الأولى السابقة ولم يرجعوا إلى داحل المدينة وكانت محاربة بالسيوف ومبارزة الصفوف ما قاتلوا إلا قليلا 02 ياء وسمعة وخوفا من التعبير قال مقاتل والجياني والبعلبكي : هو قليل من حيث هو رياء ولو كان لله تعالى كان كثيرا ولقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة الظاهر أن الخطاب للمؤمنين الخلص المخاطبين من قبل في قوله تعالى : عن أنبائكم وقوله سبحانه : ولو كانوا فيكم .
والأسوة بكسرة الهمزة كما قرأ الجمهور وبضمها كما قرأ عاصم الخصلة وقال الراغب : الحالة التي يكون عليها الإنسان وهي أسم كان و لكم الخبر و في رسول الله متعلق بما تعلق به لكم أو في موضع من أسوة لأنه لو تأخر جاز أن يكون نعتا لها أو متعلق بكان على مذهب من أجاز فيها ناقصة وفي أخواتها أن تعمل في الظرف وجوز أن يكون في رسول الله الخبر ولكم تبيين أي أعني لكم أي والله لقد كان لكم في رسول الله خصلة حسنة من حقها أن يؤتي ويقتدي بها كاالثبات في الحرب ومقاساة الشدائد ويجوز أن يراد بالأسوة القدوة بمعنى المقتدي على معنى هو صلى الله تعالى عليه وسلم في نفسه قدوة يحسن التأسي به وفي الكلام صنعة التجريد وهو أن ينتزع من ذي صفة آخر مثله فيها مبالغة في الإتصاف نحو لقيت منه أسدا وهو كما يكون بمعنى من يكون بمعنى في كقوله : أراقت بنو مروان ظلما دماءنا وفي الله إن لم يعدلوا حكم عدل وكقوله : في البيضة عشرون منا حديد أي هي في نفسها هذا القدر من الحديد والآية وإن سيقت للإقتداء به E في أمر الحرب من الثبات ونحوه فهي عامة في كل أفعاله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا لم يعلم أنها من خصوصياته كنكاح ما فوق أربع نسوة أخرج إبن ماجه وإبن أبي حاتم عن حفص بن عاصم قال : قلت لعبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنهما رأيتك في السفر لا تصلي قبل الصلاة ولا بعدها فقال ياإبن أخي صحبت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كذا وكذا فلم أره يصلي قبل الصلاة ولا بعدها ويقول الله تعالى : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وأخرج عبدالرزاق في المصنف عن قتادة قال : هم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن ينهى عن الحبرة فقال رجل : أليس قد رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يلبسها قال عمر : بلى قال الرجل : ألم يقل الله تعالى : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فترك ذلك عمر رضي الله تعالى عنه .
وأخرج الشيخان والنسائي وإبن ماجه وغيرهم عن إبن عمر أنه سئل عن رجل معتمر طاف بالبيت أيقع على أمرأته قبل أن يطوف بين الصفا والمروة فقال قدم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين وسعى بين الصفا والمروة ثم قرأ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة