مقالتهم بحرف التحقيق لكن ينبغي أن يقال في قوله تعالى : وما هي بعورة إذا أجرى فيه هذا اللفظ كما أجرى فيما قبله أن المراد المبالغة في النفي على نحو ما قيل قوله تعالى : وما ربك بظلام للعبيد والواو فيه للحال أي يقولون ذلك والحال أنها ليست كذلك إن يريدون أي ما يريدون بالإستئذان إلا فرار 31 أي هربا من القتال ونصرة المؤمنين قاله جماعة وقيل : فرارا من الدين ولو دخلت أي البيوت كما هو الظاهر عليهم أي على هؤلاء القائلين وأسند الدخول إلى بيوتهم وأوقع عليهم لما أن المراد فرض دخولها وهم فيها لا فرض دخولها مطلقا كما هو المفهوم لو لم يذكر الجار والمجرور ولا فرض الدخول عليهم مطلقا كما هو المفهوم لو أسند إلى الجار والمجرور وفاعل الدخول الداخل من أهل الفساد من كان أي لو دخل كل من أراد الدخول من أهل الدعارة والفساد بيوتهم وهم فيها من أقطارها جمع قطر بمعنى الناحية والجانب ويقال قتر بالتاء لغة فيه أي من جميع جوانبها وذلك بأن تكون مختلفة بالكلية وهذا داخل في المفروض فلا يخالف قوله تعالى : وما هي بعورة ثم سئلوا أي طلب منهم من جهة طائفة أخرى عند تلك النازلة والرجفة الهائلة الفتنة أي القتال كما قال الضحاك لآتوها أي لأعطوها أولئك السائلين كأنه شبه الفتنة المطلوب إتباعهم فيها بأمر نفيس يطلب منهم بذله ونزل إطاعتهم وإتباعهم بمنزلة بذل ما سئلوه وإعطائه وقرأ نافع وإبن كثير لأتوها بالقصر أي لفعلوها وما تلبثوا بها أي بلفتنة والباء للتعدية أي ما لبثوها وما أخروها إلا يسيرا 41 اي إلا تلبثا يسيرا أو إلا زمانا يسير وهو مقدار ما يأخذون فيه سلاحهم على ما قيل وقيل : مقدار ما يجيبون السؤال فيه وكلاهما عندى من باب التمثيل والمراد أنهم لو سألهم غيرك القتال وهم في أشد حال وأعظم بلبال لأسرعوا جدا فضلا عن التعلل بإختلال البيوت مع سلامتها كما فعلوا الآن والحاصل أن يطلبهم الأذن في الرجوع ليس لإختلال بيوتهم بل لنفاقهم وكراهتهم نصرتك وقال إبن عطية : المعنى ولو دخلت المدينة من أقطارها وأشتد الحرب الحقيقي ثم سئلوا الفتنة والحرب لمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم لطاروا إليها ولم يتلبثوا في بيوتهم لحفظها إلا يسيرا قيل قدر ما يأخذون سلاحهم إنتهى فضمير دخلت عنده عائد على المدينة وباء بها للظرفية كما هو ظاهر كلامه وجوز أن تكون سببية والمعنى على تقدير مضاف أي ولم يتلبثوا بسبب حفظها وقيل : يجوز أن تكون للملابسة أيضا والضمير على كل تقدير للبيوت وفيه تفكيك الضمائر .
وعن الحسن ومجاهد وقتادة الفتنة الشرك وفي معناه ما قيل : هي الردة والرجوع إلى إظهار الكفر وجعل بعضهم ضميري دخلتوبها للمدينة وزعم أن المعنى ولو دخلت المدينة عليهم من جميع جوانبها ثم سئلوا الرجوع إلى إظهار الكفر والشرك لفعلوا وما لبثوا بالمدينة بعد إظهار كفرهم إلا يسيرا فإن الله تعالى يهلكهم أو يخرجهم بالمؤمنين وقيل : ضمير دخلت للبيوت أو للمدينة وضمير بها للفتنة بمعنى الشرك والباء للتعدية والمعنى ولو دخلت عليهم ثم سئلوا الشرك لأشركوا وما أخروه إلا يسيرا وقريب منه قول قتاة أي لو دخلت عليهم ثم سئلوا الشرك لأعطوه طيبة به أنفسهم وما تحبسوا به إلا يسيرا وجوز أن تكون الباء