بين الأسماء مخالفة له صلى الله تعالى عليه وسلم لما علموا من كراهيته E لهذا الأسم من بينها ونداؤهم أهل المدينة بعنوان أهليتهم لها ترشيح لما بعد من الأمر بالرجوع إليها لا مقام لكم أي لا مكان إقامة أو لا إقامة لكم أي لا ينبغي أو لا يمكن لكم الإقامة ههنا .
وقرأ أبو جعفر وشيبة وأبو رجاء والحسن وقتادة والنخعي وعبدالله بن مسلم وطلحة وأكثر السبعة لا مقام بفتح الميم وهو يحتمل أيضا المكان أي لا مكان قيام والمصدر أي لا قيام لكم والمعنى على نحو ما تقدم فأرجعوا أي إلى منازلكم بالمدينة ليكون ذلك أسلم لكم من القتل أو ليكون لكم عند هذه الأحزاب يد قيل : ومرادهم أمرهم بالفرار على ما يشعر به ما بعد لكنهم عبروا عنه بالرجوع ترويجا لمقالتهم وإيذانا بأنه ليس من قبيل الفرار المذموم وقيل : المعنى لا مقام لكم في دين محمد فأرجعوا إلى ما كنتم عليه من الشرك أو فأرجعوا عما بايعتموه عليه وأسلموه إلى أعدائه E أو لا مقام لكم بعد اليوم في يثرب أو نواحيها لغلبة الأعداء فأرجعوا كفارا ليتسنى لكم المقام فيها لإرتفاع العداوة حينئذ .
وقيل : يجوز أن يكونوا خافوا من قتل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إياهم بعد غلبته E حيث ظهر أنهم منافقون فقالوا : لا مقام لكم على معنى لا مقام لكم مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأنه إن غلب قتلكم فأرجعوا عما بايعتموه عليه وأسلموه E أو فأرجعوا عن الإسلام وأتفقوا مع الأحزاب أو ليس لكم محل إقامة في الدنيا أصلا إن بقيتم على ما أنتم عليه فأرجعوا عما بايعتموه عليه E إلى آخره والأول أظهر وأنسب بما بعده وبعض هذه الأوجه بعيد جدا كما لا يخفى .
ويستأذن فريق منهم النبي عطف على قالت وصيغة المضارع لما مر من إستحضار الصورة والمستأذن على ما روى عن إبن عباس وجابر بن عبدالله بنو حارثة بن الحرث قيل : أرسلوا أوس بن قيظي أحدهم للإستئذان وقال السدي : جاء هو ورجل آخر منهم يدعى أبا عرابة بن أوس وقيل : المستأذن بنو حارثة وبنو سلمة أستأذنوه E في الرجوع ممتثلين بأمر أولئك القائلين ياأهل يثرب .
وقوله تعالى : يقولون بدل من يستأذن أو حال من فاعله أو إستئناف مبني على السؤال عن كيفية الإستئذان إن بيوتنا عورة أي ذليلة الحيطان يخاف عليها السراق كما نقل عن السدي وقال الراغب : أي متخرقة ممكنة لمن أرادها وقال الكلبي : أي خالية من الرجال ضائعة وقال قتادة : قاصية يخشى عليها العدو وأصلها على ما قيل مصدر بمعنى الخلل ووصف بها مبالغة وتكون صفة للمؤنث والمذكر والمفرد وغيره كما هو شأن المصادر وجوز أن تكون صفة مشبهة على أنها مخفف عورة بكسر الواو كما قرأ بذلك هنا وفيما بعد إبن عباس وأبو يعمر وقتادة وأبو رجاء وأبو حيوة وإبن أبي عبلة وأبو طالوت وإبن مقسم وإسماعيل بن سليمان عن إبن كثير من عورت الدار إذا أختلت قال إبن جني : صحة الواو على هذا شاذة والقياس قلبها ألفا عارة كما يقال كبش صاف ونعجة صافة ويوم راح ورجل مال والأصل صوف وصوفة وروح ومول وتعقب بأن القياس إنما يقتضي القلب إذا وقع القلب في الفعل وعور هنا قد صحت عينه حملا على أعور المشدد ورجح كونها مصدرا وصف به للمبالغة بأنه الأنسب بمقام الإعتذار كما يفصح عنه تصدير