والغزالي وحكى القول بأن المطلقة لا يثبت لها هذا الحكم عن الشيعة وقد رأيت في بعض كتبهم نفي الأمومة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالوا : لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فوض إلى علي كرم الله تعالى وجهه أن يبقى من يشاء من أزواجه ويطلق من يشاء منهن بعد وفاته وكالة عنه E وقد طلق رضي الله تعال ىعنه عائشة يوم الجمل فخرجت عن الأزواج ولم يبق لها حكمهن وبعد أن كتبت هذا أتفق لي أن نظرت في كتاب ألفه سليمان بن عبدالله البحراني عليه من الله تعالى ما يستحق في مثالب جمع من الصحابة حاشى رضي الله تعالى عنهم فرأيت ما نصه : روى أبو منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الإحتجاج عن سعد بن عبدالله أنه سأل القائم المنتظر وهو طفل في حياة أبيه فقال له يامولانا وإبن مولانا روى لنا أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جعل طلاق نسائه إلى أمير المؤمنين علي كرم الله تعالى وجهه حتى أنه بعث في يوم الجمل رسولا إلى عائشة وقال : إنك أدخلت الهلاك على الإسلام وأهله بالغش الذي حصل منك وأوردت أولادك في موضع الهلاك بالجهالة فإن أمتنعت وإلا طلقتك فأخبرنا يامولانا عن معنى الطلاق الذي فوض حكمه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى أمير المؤمنين فقال : إن الله تقدس أسمه عظم شأن نساء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فخصهن بشرف الأمهات فقال E : ياأبا الحسن إن هذا الشرف باق ما دمنا على طاعة الله تعالى فأيتهن عصت الله تعالى بعدي بالخروج عليك فطلقها من الأزواج وأسقطها من شرف أمهات المؤمنين ثم قال : وروى الطبرسي أيضا في الإحتجاج عن الباقر أنه قال : لما كان يوم الجمل وقد رشق هودج عائشة بالنبل قال علي كرم الله تعالى وجهه : والله ما أراني إلا مطلقها فأنشد الله تعالى رجلا سمع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول : ياعلي أمر نسائي بيدك من بعدي لما قام فشهد فقام ثلاثة عشر رجلا فشهدوا بذلك الحديث ورأيت في بعض الأخبار التي لا تحضرني الآن ما هو صريح في وقوع الطلاق ما قاله البحراني عامله الله تعالى بعدله وهذا لعمري من السفاهة والوقاحة والجسارة على الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم بمكان وبطلانه أظهر من أن يخفى وركاكة ألفاظه تنادي على كذبه بأعلى صوت ولا أظنه قولا مرضيا عند من له أدنى عقل منهم فلعن الله تعالى من أختلقه وكذا من يعتقده وأخرج الفريابي والحاكم وإبن مردويه والبيهقي في سننه عن إبن عباس أنه كان يقرأ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم وأخرج إبن أبي حاتم عن عكرمة أنه قال : كان في الحرف الأول النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أبوهم وفي مصحف أبي رضي الله تعالى عنه كما روى عبدالرزاق وإبن المنذر وغيرهما النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم وإطلاق الأب عليه صلى الله تعالى عليه وسلم لأنه سبب للحياة الأبدية كما إن الأب سبب للحياة أيضا بل هو E أحق بالأبوة منه وعن مجاهد كل نبي أب لأمته ومن هنا قيل في قول لوط هؤلاء بناتي أنه أراد المؤمنات ووجهه ما ذكر ويلزم من هذه الأبوة على ما قيل إخوة المؤمنين .
ويعلم مما روى عن مجاهد أن الأبوة ليست من خصوصياته E وهذا ليس كأمومة أزواجه فإنها على ما في المواهب من الخصوصيات فلا يحرم نكاح أزواج من عداه صلى الله تعالى عليه وسلم من الأنبياء عليهم السلام من بعدهم على أحد من أممهم وأولوا الأرحام أي ذوو القرابات الشاملون للعصبات