السبيل القويم إنتهى فتأمل ولا تغفل النبي أولى بالمؤمنين أي أحق وأقرب إليهم من أنفسهم أو أشد ولاية ونصرة لهم منها فإنه E لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم بخلاف النفس فإنها إما أمارة بالسوء وحالها ظاهر أو لا فقد تجهل بعض المصالح وتخفي عليها بعض المنافع وأطلقت الأولوية ليفيد الكلام أولويته E في جميع الأمور ويعلم من كونه صلى الله تعالى عليه وسلم أولى بهم من أنفسهم كونه E أولى بهم من كل من الناس وقد أخرج البخاري وغيره عن أبي هريرة عنه أنه قال : ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة أقرؤا إن شئتم النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم فأيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا فإن ترك دينا أو ضياعا فلياتني فأنا مولاه ولا يلزم عليه كون الأنفس هنا مثلها في قوله تعالى : ولا تقتلوا أنفسكم لأن إفادة الآية المدعى على الظاهرة ظاهرة أيضا وإذا كان صلى الله تعالى عليه وسلم بهذه المثابة في حق المؤمنين يجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم وحكمه E عليهم أنفذ من حكمها وحقه آثر لديهم من حقوقها وشفقتهم عليه أقدم من شفقتهم عليها وسبب نزول الآية على ما قيل ما روى من أنه E أراد غزوة تبوك فأمر الناس بالخروج فقال أناس منهم : يستأذن آباءنا وأمهاتنا فنزلت ووجه دلالتها على السبب أنه صلى الله تعالى عليه وسلم إذا كان أولى من أنفسهم فهو أولى من الأبوين بالطريق الأولى ولا حاجة إلى حمل أنفسهم عليه على خلاف المعنى المتبادر كما أشرنا إليه آنفا وأزواجه أمهاتهم أي منزلات منزلة أمهاتهم في تحريم النكاح وإستحقاق التعظيم وأما فيما عدا ذلك من النظر إليهن والخلوة بهن وارثهن ونحو ذلك فهن كالأجنبيات وفرع على هذا القسطلاني في المواهب أنه لا يقال لبناتهن أخوات المؤمنين في الأصح والطبرسي وهو شيعي أنه لا يقال لإخوانهن أخوال المؤمنين ولا يخفى أنه يسر حسوا بإرتغاء وفي المواهب أن في جواز النظر إليهن وجهين أشهرهما المنع ولكون وجه الشبه مجموع ما ذكر قالت عائشة رضي الله تعالى عنها لإمرأة قالت لها ياأمه : أنا أم رجالكم لا أم نسائكم أخرجه إبن سعد وإبن المنذر والبيهقي في سننه عنها ولا ينافي هذا إستحقاق التعظيم منهن أيضا .
وأخرج إبن سعد عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها أنها قالت أنا أم الرجال منكم والنساء وعليه يكون ما ذكر وجه الشبه بالنسبة إلى الرجال وأما بالنسبة إلى النساء فهو إستحقاق التعظيم والظاهر أن المراد من أزواجه كل من أطلق عليها أنها زوجة له صلى الله تعالى عليه وسلم من طلقها ومن لم يطلقها وروى ذلك إبن أبي حاتم عن مقاتل فيثبت الحكم لكلهن وهو الذي نص عليه الإمام الشافعي وصححه في الروضة وقيل : لا يثبت الحكم لمن فارقها E في الحياة كالمستعيذة والتي رأى بكشحها بياضا وصحح إمام الحرمين والرافعي في الصغير تحريم المدخول بها فقط لما روى أن الأشعث بن قيس نكح المستعيذة في زمن عمر رضي الله تعالى عنه فهم عمر يرجمه فأخبره أنها لم تكن مدخولا بها فكف وفي رواية أنه رضي الله تعالى عنه هم برجمها فقالت له : ولم هذا وما ضرب على حجاب ولا سميت للمسلمين أما فكف عنها وذكر في المواهب أن في حل من أختارت منهن الدنيا للأزواج طريقين أحدهما طرد الخلاف والثاني القطع بالحل وأختار هذا الإمام