عين تكرم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار يدخل عليهم أهل الجبروت والملكوت من كل باب من أبواب الصفات محيين لهم بتحايا الاشراقات النورية والامدادات القدسية أو يدخل عليهم الملائكة الذين صحبوهم في الدنيا من كل باب من أبواب الطاعة مسلمين عليهم بعد استقرارهم في منازلهم كما يسلم أصحاب الغائب عليه اذا قدم الى منزله واستقر فيه الذين آمنوا الايمان العلمي بالغيب وتطمئن قلوبهم بذكر الله قالوا : ذكر النفس باللسان والتفكر في النعم وذكر القلب بالتفكر في الملكوت ومطالعة صفات الجمال وذكر السر بالمناجاة وذكر الروح بالمشاهدة وذكر الخفاء بالمناغاة في العشق وذكر الله تعالى بالفناء فيه ألا بذكر الله تطمئن القلوب وذلك أن النفس تضطرب بظهور صفاتها وأحاديثها وتطيش فيتلون القلب ويتغير لذلك فاذا تفكر في الملكوت ومطالعة أنوار الجمال والجبروت استقر واطمأن وسائر أنواع الذكر انما يكون بعد الاطمئنان قال الهجويري : قلوب الاولياء مطمئنة لاتتحرك دائما خشية أن يتجلى الله تعالى عليها فجأة فيجدها غير متسمة بالادب الذين آمنوا وعملوا الصالحات تخلية وتحلية طوبى لهم بالوصول الى الفطرة وكمال الصفات وحسن مآب بالدخول في جنة القلب وهي جنة الصفات أو طوبى لهم الآن حيث لم يوجد منهم مايخالف رضاء محبوبهم وحسن مآب في الآخرة حيث لايجدون من محبوبهم خلاف مأمولهم أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت أي بحسب كسبها ومقتضاه أي كما تقتضي مكسوباتها من الصفات والاحوال التي تعرض لاستعدادها يفيض عليها من الجزاء قل انما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به ماأخرج سبحانه أحدا من العبودية حتى سيد أحرار البرية صلى الله تعالى عليه وسلم وفسرها أبو حفص بأنها ترك كل ملك وملازمة المأمور به .
وقال الجنيد قدس سره : لايرتقي أحد في درجات العبودية حتى يحكم فيما بينه وبين الله تعالى أوائل البدايات وهي الفروض والواجبات والسنن والاوراد ومطايا الفضل عزائم الامور فمن أحكم على نفسه هذا من الله تعالى عليه بما بعده ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية فيه على ماقيل اشارة الى أنه اذا شرف الله تعالى شخصا بولايته لم يضر به مباشرة أحكام البشرية من الاهل والولد ولم يكن بسط الدنيا له قدحا في ولايته وقوله سبحانه : وما كان لرسول أن يأتي بآية الا باذن الله فيه منع طلب الكرامات واقتراحها من المشايخ لكل أجل كتاب لكل وقت أمر مكتوب يقع فيه ولا يقع في غيره ومن هنا قيل : الامور مرهونة لأوقاتها وقيل : لله تعالى خواص في الأزمنة والامكنة والاشخاص يمحو الله مايشاء ويثبت قيل : يمحو عن ألواح العقول صور الافكار ويثبت فيها أنوار الاذكار ويمحو عن اوراق القلوب علوم الحدثان ويثبت فيها لدنيات علم العرفان وقيل : يمحو العارفين بكشف جلاله ويثبتهم في وقت آخر بلطف جماله وقال ابن عطاء : يمحو أوصافهم ويثبت أسرارهم لأنها موضع المشاهدة وقيل : يمحو مايشاء عن الالواح الجزئية التي هي النفوس السماوية من النقوش الثابتة فيها فيعدم عن المواد ويفني ويثبت مايشاء فيها فيوجد وعنده أم الكتاب العلم الأزلي القائم بذاته سبحانه وقيل : لوح القضاء السابق الذي هو عقل الكل وفيه كل ما كان ويكون أزلا وابدا على الوجه الكلي المنزه عن المحو والاثبات وذكروا ان الالواح أربعة لوح القضاء السابق العالي عن المحو والاثبات وهو لوح العقل الاول ولوح القدر وهو لوح النفس الناطقة الكلية التي يفصل فيها كليات اللوح الاول وهو المسمى باللوح المحفوظ ولوح النفوس الجزئية