ذلك وأنه لا كفارة على عائن قيل : لأن العين لاتعد مهلكا عادة على أن التأثير يقع عندها لا بها حتى بالنظر للظاهر وهذا بخلاف الساحر فانهم صرحوا بأنه يقتل إذا أقر أن سحره يقتل غالبا ونقل عن المالكية أنه لافرق بين الساحر والعائن فيقتلان إذا قتلا ثم إن العين على ما نقل عن الرازي لا تؤثر ممن له نفس شريفة لما في ذلك من الاستعظام للشيء وفيما أخرجه الامام أحمد في مسنده مايؤيد المدعي واعترض بما رواه القاضي أن نبيا استكثر قومه فمات منهم في ليلة مائة الف فشكا ذلك إلى الله تعالى فقال له سبحانه وتعالى : إنك استكثرتهم فعنتهم هلا حصنتهم إذا استكثرتهم فقال : يارب كيف أحصنهم قال : تقول حصنتكم بالحي القيوم إلى آخر ما تقدم وقد يجاب بأن ماذكر الرازي هو الأغلب بل يتعين تأويل هذا إن صح بأن ذلك النبي عليه السلام لما غفل عن الذكر عند الاستكثار عوتب فيهم ليسأل فيعلم فهو كالاصابة بالعين لا أنه عان حقيقة هذا والله تعالى أعلم ثم إنه عليه السلام لم يكتف بالنهي عن الدخول من باب واحد بل ضم اليه قوله : وادخلوا من أبواب متفرقة بيانا للمراد به وذلك لأن عدم الدخول من باب واحد غير مستلزم للدخول من أبواب متفرقة وفي دخولهم من بابين أو ثلاثة بعض ما في الدخول من باب واحد من نوع اجتماع مصحح لوقوع المحذور وإنما لم يكتف بهذا الامر مع كونه مستلزما للنهي السابق إظهارا لكمال العناية به وإيذانا بأنه المراد بالأمر المذكور لاتحقيق شيء آخر وما أغني عنكم أي لاأنفعكم ولا أدفع عنكم بتدبيري من الله من شيء أي من قضائه تعالى عليكم شيئا فانه لايغني حذر من قدر ولم يرد بهذا عليه السلام كما قيل الغاء الحذر بالمرة كيف وقد قال سبحانه : خذوا حذركم وقال عز قائلا : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة بل أراد بيان أن ما وصاهم به ليس مما يستوجب المراد لا محالة بل هو تدبير وتشبث بالاسباب العادية التي لاتؤثر الا باذنه تعالى وأن ذلك ليس بمدافعة للقدر بل هو استعانة بالله تعالى وهرب منه اليه إن الحكم أي ما الحكم مطلقا إلا لله لايشاركه أحد ولا يمانعه شيء عليه سبحانه دون غيره توكلت في كل ما آتي به وأذر وفيه دلالة على أن ترتيب الاسباب غير مخل بالتوكل وفي الخبر اعقلها وتوكل .
وعليه عز سلطانه دون غيره فليتوكل المتوكلون .
76 .
- أي المريدون للتوكل قيل : جمع بين الواو والفاء في عطف الجملة على الجملة مع تقديم الصلة للاختصاص ليفيد بالواو عطف فعل غيره من تخصيص التوكل بالله تعالى شانه على فعل نفسه وبالفاء سببية فعله لكونه نبيا لفعل غيره من المقتدين به وهي على ما صرح به بعضهم زائدة حيث قال : ولا بد من القول بزيادة الفاء وإفادتها السببية ويلتزم أن الزائد قد يدل على معنى غير التوكيد وذكر أنه لو اكتفى بالفاء وحدها وقيل : فعليه فليتوكل الخ أفاد تسبب الاختصاص لا أصل التوكل وهو المقصود وكل ذلك لايخلو عن بحث واختار بعضهم أنه جيء بالفاء افادة للتأكيد فقط كما هو الأمر الشائع في الحروف الزائدة فتدبر وأيا ما كان فيدخل بنوه عليه السلام في عموم الأمر دخولا أوليا وفي هذا الأسلوب ما لا يخفى من حسن هدايتهم وارشادهم إلى التوكل فيما هم بصدده على الله تعالى شأنه غير متعمدين على ما وصاهم به من التدبير ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم من الأبواب المتفرقة من البلد قيل : كانت له أربعة أبواب فدخلوا منها وانما اكتفى بذكره لا ستلزامه الانتهاء عما نهوا عنه