الشيخ مرتضى آل ياسين
الشيخ مرتضى آل ياسين
بسم الله الرحمن الرحيم
هو ابن الشيخ عبد الحسين ابن الشيخ باقر، أحد أقطاب هذه الأسرة وفي الطليعة من أعلام رجالها، ولد في الكاظمين في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة (1311 هـ) ونشأ تحت رعاية والده وتغذى من معينه الروحي فنما نموا سريعا، حضر مقدمات دروسه على عدّة من الأفاضل في الكاظمين، ثم هاجر إلى النجف طلبا للدراسة العالية فلازم حوزة درس المحقق النائيني والمرجع العام السيد أبو الحسن الأصفهاني، وحضر درس أخيه العلامة الرضا، وقد شهد له أساطين الفن ببلوغ المرتبة العالية من العلم والاجتهاد وهو في عقده الثالث وقد شرع منذ عدة سنوات في التدريس العالي «بحث الخارج» والمساهمة مع الأعلام والمراجع، وطلب منه جماعات من المؤمنين العارفين بفضله أن يتصدى عمليا لمهام المرجعيّة ونحوها فأبى إباءا شديدا إعراضا عن الدنيا وزخرفها الزائفة وبهرجها الفانية. من آثاره له تعليقات على العروة الوثقى، وبلغة الراغبين، وله غير ذلك من الآثار في الفقه والأصول لم يطبع (1).
_______________________
1 ـ ماضي النجف وحاضرها 3: 534.
له في مجال التقريب.. تحت عنوان: (نهضة مباركة).
انّ لي املا ايقظه في نفسي هذا العمل الصالح، الذي قامت به حكومة الهند. حين حرمت الخمر على القسم الموبوء بها من بلادهم ومرّد هذا الأمل إلى حسن ظني بجماعة كبار العلماء في الأزهر الشريف الذين نصبوا أنفسهم لمناصرة هذا الدين كلما وجدوا إليها سبيلا، فها انذا ادفع إلى حضراتكم باقتراحي عن طريق جماعة التقريب، عسى أن يأخذ حظه من عنايتهم وتفكيرهم، فيضعوه موضع العلم والتطبيق، في وقت غير بعيد إن شاء الله تعالى.
ولما كان من أهم ما تعمل له جماعة التقريب، أن تقوم بالسعي المستمر في كل أمر يعود على المسلمين في شتى البلاد بالخير والصلاح، وأن تسفر بين علماء الأقطار الإسلاميّة من كافة المذاهب، فتنقل إلى كل ما عند الآخرين، وتجمع على قلوبهم ومساعيهم على ما فيه صلاح أمتهم، فقد اتصلت دار التقريب على الفور بحضرتي صاحب الفضيلة العالمين الجليلين الشيخ عبد المجيد سليم والشيخ محمود شلتوت من أعضاء جماعة كبار العلماء وتحدثت إليهما في هذا الشأن فرحبا باقتراح العلامة المرتضى، وشكراه على حسن ظنه، وكريم ثقته في علماء الأزهر، وبشّرانا بأن الجماعة قد اعتزمت القيام على وجه حاسم بواجب الجهاد الديني في محاربة المنكرات، ودرء المفاسد الخلقية وما يوجه إلى الدين من مطاعن، منشؤها الجهالات أو العداوات، وأنها ستجتمع لذلك في وقت قريب، ولا شك إنها ستلتقي مع فكرة الأستاذ الجليل، وتعمل من جانبها على تحقيق ما ترمي إليه من خير للمسلمين.
ولم تلبث الجماعة بعد ذلك، أن عقدت جلسة تاريخية هامة بالإدارة العامة للجامع الأزهر، شارك فيها كبار رجال الإدارة في الأزهر الشريف، واستعرض المجتمعون في تلك الجلسة حالة الدين والخلق، وما آل إليه أمرها في نفوس الناس وواجب الأزهر في ذلك، وانتهت إلى قرارات تمهيدية، يراد بها تقرير انجح الوسائل التي يتوسل بها إلى إصلاح حال الأُمة من نواحيها المختلفة المتصلة بالدين والخلق، على أن تتكرر الجلسات في أوقات متقاربة للنظر بذلك، وأصدرت في نفس الجلسة قرارا عاجلا برفع كتاب خاص إلى حضرة صاحب الجلالة ملك مصر، وتوجيه كتاب آخر إلى حضرة صاحب المقام الرفيع مصطفى النحاس باشا رئيس حكومتها، وقد رفع الكتاب الأول إلى حضرة صاحب الجلالة وقدم الكتاب الثاني إلى رفعة الرئيس وأذيع بعد ذلك من دار الإذاعة اللاسلكيّة للحكومة المصرية مرتين.
وان هذا لمن أكبر الدلائل على إلتقاء أفكار المسلمين، وتقارب قلوبهم وإحساسهم بما فيه الخير لأمتهم، فهذا صوت عالم كريم من النجف يلتقي مع أصوات علماء كرام من مصر، وقد جاءتنا الأخبار بمثل هذا عن علماء سوريا أيضاً ولاشك أن هذه نهضة مباركة نرجوا أن تشمل سائر البلدان الإسلاميّة وان يكون لها ما بعدها من خير الأُمة الإسلاميّة وصلاحها إن شاء الله (1).
________________________
1 ـ رسالة الإسلام 2: 329.