نائب رئيس مجلس علماء الرباط المحمدي في العراق لـ "تنـا":

طوفان الأقصى اسقطت جميع الرهانات على اندثار القضية الفلسطينية واسقطت رهانات التطبيع

طوفان الأقصى اسقطت جميع الرهانات على اندثار القضية الفلسطينية واسقطت رهانات التطبيع

قال نائب رئيس مجلس علماء الرباط المحمدي، عضو مجلس الأوقاف الأعلى في العراق "الشيخ د.محمد النوري" :  ان عملية "طوفان الأقصى" هي العملية التي اسقطت جميع الرهانات على اندثار القضية الفلسطينية، واسقطت جميع رهانات التطبيع والمطبعين.


جاء ذلك في حوار خاص اجرته وكالة انباء التقريب (تنـا) مع "الشيخ د. النوري" الذي حلّ ضيفا على الجمهورية الاسلامية للمشاركة في المؤتمر الدولي بعنوان "طوفان الاقصى ويقظة الوجدان الانساني" عقده المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية يوم الاحد 14 يناير 2024م.
ولفت بانه في مرحلة ما قبل 7 اكتوبر 2023 م حيث انطلقت عملية طوفان الاقصى البطولية، كانت القضية الفلسطينية تواجه هجمة اعلامية كبيرة بسبب انخراط بعض الدول العربية والإسلامية في عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني، وكانت هناك اعمال ممنهجة ومؤسسات عاملة بهذا الشأن، مضافا الى دول تدعم عملية التطبيع.
واضاف : لكن سرعان ما انتهت هذه الزوبعة وهذه الفتنة وانتهى معها مشروع التطبيع وضرب ضربة ربانية كبرى؛ مؤكدا بان "قبل طوفان الأقصى شي وبعد طوفان الأقصى شي اخر"، حيث تحولت مواقف الدول العربية وإلاسلامية الى مواقف رافضة للاحتلال ورافظة للصهيونية ومعترفة بحق فلسطين وحق أهلها، ومعترفة بالوقوف مع غزة واهل غزة وشهدائها وايتامها.
وقال عالم الدين العراقي البارز : الحقيقة ان طوفان الأقصى وضعت العالمين الإسلامي والعربي والمجتمع الدولي امام تحدّ كبير؛ واستدعت كل صاحب إنسانية في انحاء الكرة الأرضية ان يقف لانسانيته.
واوضح، ان هذه العملية البطولية والحرب الوحشية التي شنها الكيان الصهيوني على المدنيين والاطفال والنساء في غزة، كشفت النقاب عن الوجه الحقيقي لدعاة الإنسانية وهم يرون الانسان يقتل في غزة ولا يحركون ساكنا، كما اماطت اللثام عن حقيقة ادعياء الدفاع عن حقوق الطفل لدى الأمم المتحدة، وهم يرون الأطفال يقتلون ويذبحون دون ان يحركوا اي ساكن، وكشفت ايضا عن الوجه الحقيقي لدعاة حقوق المرأة وهم يرون الإهانة والاستهانة بنسائنا وباخواتنا في غزة، وتمرير مخطط تهجير وتشريد لا مثيل له في التاريخ الإسلامي بحقهن.
واستطرد الشيخ النوري : في الحقيقة طوفان الأقصى جعلت العالم امام الاختبار والامتحان، فمن وقف مع غزة فقد اوفى بالقيم التي يحملها والمبادئ التي يؤمن بها، ومن تخلى عنها فقد تخلى عن انسانيتة أولا، وتخلا عن قيمه الايمانية والإسلامية ثانيا، وتخلا عن القيم التي يريدها من مجتمعه.
واعتبر نائب رئيس مجلس علماء الرباط المحمدي، في هذا الحوار، انه من اعظم تلك القيم هو ان يقف الانسان مع المظلوم ضد الظالم، وان يقف الانسان مع الحق ومع المرأة والطفل الصغير، ومع المنكوبين والمقهورين، ومع الضعفاء والمساكين؛ مبينا ان "هذا الوقوف بهذه الصفة وهذه المنزلة محل اتفاق بين كل أصحاب الديانات واصحاب المذاهب وأصحاب المدارس سواء على صعيد العالم ككل، او على صعيد الامة الإسلامية والأمة المحمدية".
وعلى امتداد التنويه بآثار عملية طوفان الاقصى، تحدث الشيخ النوري عن تداعياتها الايجابية في الصعيد الاقليمي، مبينا ان كل من كان يرتضي مع "إسرائيل" مطبعا معها، سُحب الان البساط من تحته، فما عاد يتجرأ ان يصرح بهذا الموقف امام شعبه ومجتمعه، وقد راينا تجليات ذلك في وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، كيف تحولت المواقف من توافق مع الكيان الصهيوني الى مواقف رافضة لهذا الكيان المزيف، مؤكدة وقوفها مع القدس؛ واصفا هذا الامر بانه انجاز عظيم.
واضاف : هذه العملية كشفت عن حقيقة الدول الغربية والمجتمع الغربي الذي لطالما ادعى بالحضارة وان حضارته تحترم الانسان وتحترم كيانه وهو يقف مع العدل ومع المظلومين في انحاء العالم، لكن العالم راى كيف تخلت هذه الدول من تلك المبادئ، فهي تقف اليوم علنا مع الظالم، وزودت "اسرائيل" بالطائرات المقاتلة وبالاسلحة لتنهال على شعب غزة الاعزل.
واكد عالم الدين من اهل السنة في العراق، انه بانكشاف الانظمة الغربية على حقيقتها امام شعوبها، انطلقت المسيرات الجماهيرية المناهضة للحرب من المجتمعات الغربية ذاتها، وقد اكدت هذه الشعوب عبر هتافاتها الغاضبة وقوفها مع غزة واهلها المظلومين.
واستدل الشيخ النوري بمقولة شهيرة للزعيم الروحي الهندي "غاندي"، "اني تعلمت من الحسين (ع) أكون مظلوما فانتصر"؛ مبينا ان غزة كانت مظلومة وهذه الحالة المظلومية لغزة انتشرت في كل العالم اليوم، ومن صفات الله سبحانه وتعالى التي اودعت في الانسان هي ان يتعاطف مع المظلوم وينصره.
وحول تقييمه بشان المواقف الشعبية والمجتمعية حيال عملية طوفان الاقضى، راى بانه لم تشهد المجتمعات ولا الشعوب تفاعلا حقيقيا على مستوى المساجد والمدارس والمؤسسات الإنسانية والدينية والتربوية والعلمية كما شهدناها في طوفان الأقصى اليوم.
ومضى الى القول : باعتقادي حملت التحركات الشعبية والمجتمعية في الدول العربية والإسلامية رسالة جيدة، لكن مثل هذه الرسالة حول هكذا قضية كبرى تحتاج الى زخم متواصل حتى لا يكون هناك تراجع وان يؤدي هذا الزخم المتواصل الى الضغط على الكيان الصهيوني حتى يكف عن ظلمه وجرائمه.
 وناشد عالم الدين العراقي "الشعوب الاسلامية والعربية"، بان تقف مع المقاومين والمجاهدين في فلسطين وفي كل من لبنان وسوريا والعراق، وجميع الدول العربية والإسلامية، واليمن الذي ضرب أروع الأمثلة للوقوف مع غزة، ليس بالكلام فقط، وان تستديم على هذا الزخم والتواصل مع المقاومين الابطال، في كل ميادين الامة الإسلامية حتى النصر المؤزر الذي يمنحه الله للضعفاء والمساكين.
وحول الاليات والخيارات المتاحة لوقف الة الحرب الاسرائيلية، قال : ان الوسائل كبيرة، فلو اتفقت الدول العربية والإسلامية على محاصرة الكيان الصهيوني، وأغلقت الطرق والممرات والمعابر  لمنع ايصال الوقود الى الكيان الصهيوني، لخضعت أمريكا ساجدة وراكعة ايضا.
واضاف ان هذا واحد من عشرات الأدوات التي تمتلكها الدول العربية والإسلامية لمواجهة اسرائيل ووضع حد لجرائمها بحق الشعب الفلسطيني.
واستدرك عضو مجلس الأوقاف الأعلى في العراق قائلا : "إسرائيل" كيان غريب في جسم الامة الإسلامية وهي تلوث هذا الجسم؛ فلو لو تم ابعادها من محيط هذه الدول او التحرك بصدق كما راينا في تحرك اليمن التي حقيقة حولت ممر البحر الاحمر وخليج عدن الى ممر غير امن مخيف للعدو، ولو اتفقت الدول على هكذا موقف شجاع لانتهى كل شيء.
واوضح، ان القضية الإقتصادية هو الشريان الرئيسي، فاذا تمت مقاطعة الكيان الصهيوني اقتصاديا، سوف يستسلم في النهاية، وهو ما جاء في قول الله تعالى : ﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾-[ الحشر: 14].