كيف أبدت أمريكا اللاتينيّة ردود أفعالها تجاه ما يحدث في غزّة؟

تقریر | لحن الانتفاضة الفلسطينية في أمريكا المتحدثة الإسبانيّة

تقریر | لحن الانتفاضة الفلسطينية في أمريكا المتحدثة الإسبانيّة

ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي تقريراً يُلقي الضوء على ردود الأفعال في مختلف دول أمريكا اللاتينيّة إن كان على مستوى الشعوب أو الحكومات على الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني الغاصب بحقّ المدنيّين والعُزّل من نساء وأطفال في مدينة غزّة.


«ما الذي ستفعلونه لو طردوكم من بيوتكم؟ فلسطين تعاني من احتلال إسرائيل. فلسطين تعاني من حكومة مستكبرة استعدّت للحرب. وفي الانتفاضة الجديدة التي اندلعت في الضفّة الغربيّة وغزّة وبيت المقدس، وقفت الحجارة في وجه الرّصاص. الانتفاضة! الانتفاضة! الخلاص».

هذه أبيات أنشودة «الانتفاضة» التي ردّدها الآلاف من الشعب التشيلي في حدث غير مسبوق وقع في 12 نوفمبر/تشرين الثاني مع الفرقة الموسيقيّة الإسبانيّة «سكا-بي» في سانتياغو، عاصمة هذا البلد.

خلال هذه الأيام وفي الشوارع البعيدة أكثر من عشرة آلاف كيلومتر عن غزّة، تعلو صرخات: «فلسطين ستنتصر!»، «أوقفوا ارتكاب المجازر بحقّ الشعب الفلسطيني!» و«أمريكا اللاتينيّة تقف إلى جانب فلسطين!»، كما تُسمع وتظهر مخطوطات على الجدران منقوشٌ عليها شعار: «دائماً نحو الانتصار» إلى جانب الوجه المقتدر للشاب الفلسطينيّ.

إنّ شعب أمريكا اللاتينيّة الذي لا يرى قضيّة فلسطين مجرّد قضيّة سياسيّة فحسب إنما إنسانيّة عبّر في الساحة الافتراضيّة أيضاً عن دعمه أهالي غزّة بصوت مرتفع عبر نشر الملايين من المنشورات التي تتضمّن مشاهد لجرائم الصهاينة. وتصدّر هاشتاغا #فلسطين_الحرّة و #إسرائيل_المبيدة_للأجيال مواقع التواصل، وشوهد مقطع ملوّع يعرض طفلة فلسطينيّة صغيرة نجت من القصف قرابة عشرين مليون مرّة.

في الأعوام الأخيرة، كان الكيان الصهيوني قد حاول عبر أنواع الدعم التي قدّمتها الولايات المتحدة توطيد علاقاته بشعوب أمريكا اللاتينيّة ودولها لكنّه منذ 7/10/2023 فما بعد، ومع انكشاف وجهه الحقيقي، يزداد نبذاً في عيون الشعوب في هذه المنطقة التي تكره الصهاينة.

 

تشيلي: لا شيء يبرّر إجرام إسرائيل ووحشيّتها

في 19/10/2023، شهدت الشوارع المجاورة لسفارة الكيان الصهيوني في هذا البلد حضور المئات من المتظاهرين الداعمين لفلسطين الذين أطلقوا شعارات من قبيل «الصهاينة إرهابيّين»، التي لم تُسمع حتى ذلك الوقت في ذاك البلد. في 18/11/2023 أيضاً، وضع المئات من التشيليّين في خطوة رمزيّة ألف حذاء - في تعبير عن الأطفال المقتولين في غزّة - مقابل قصر رئيس الجمهوريّة «لا مونيدا» في سانتياغو، ووقفوا دقيقة صمت إحياء لذكرى الضحايا.

كما أنّ رئيس جمهوريّة تشيلي، غابرييل بوريك، قال إنّ «حكومة إسرائيل» بقيادة بنيامين نتنياهو تقتل أو تجرح 420 طفلاً يوميّاً، وكتب على منصّة «إكس»: «هم ليسوا "خسائر جانبيّة" في الحرب ضدّ "حماس" بل إنّهم الضحايا الرئيسيّون. لا شيء يبرر هذه الوحشيّة في غزّة! لا شيء»، علماً أن تشيلي استدعت سفيرها لدى «إسرائيل» إلى سانتياغو.

 

فنزويلا: الصهاينة سيأتون إلينا بعد فلسطين

ليست مسيرات الشعب الفنزويلي الداعمة لفلسطين وإطلاق شعارات من قبيل «إسرائيل نفسها النازيّة» أمراً جديداً. يمكن القول إنّ دعم فنزويلا الجدّي لفلسطين بدأ منذ 2009، عندما قطعت حكومة هذه البلاد علاقاتها بالكيان الصهيوني كلياً اعتراضاً على ارتكاب المجازر بحقّ أهالي غزّة.

حذّر رئيس جمهورية هذه البلاد، نيكولاس مادورو، في أحد خطاباته الأخيرة شعبه والمسيحيّين في أمريكا وأوروبا من الخطر الذي تشكّله الصهيونيّة على المسيحيّة ولم تجرِ الإشارة إليه حتى اليوم. قال مادورو: «الصهاينة أسّسوا لأيديولوجيّة أخطر من النازيّين، فهم تحرّكوا بداية ضدّ الشعب الفلسطينيّ عبر الاعتداء وإبادة الأجيال والقنابل، ومن ثمّ سيتّجهون صوب العرب وجميع المسلمين ونحونا – نحن المسيحيّين والكاثوليك – في ما بعد».

إنّ اعتقاد اليهود القائم على كونهم «العرق المتفوّق» ووصفهم غير اليهود بأنهم حيوانات بزيّ البشر ولا بدّ أن يسخّروا لخدمتهم كله يحدّد مدى أهميّة الخطاب التحذيري للرئيس الفنزويلي.

طالب الرئيس الفنزويلي أيضاً بـ«أن تَلزم شعوب العالم الشوارع لأنه لا بدّ لنا أن ننتصر في هذه المعركة من أجل الحق في العيش وتأسيس دولة فلسطين».

 

بوليفيا: ليس في مقدورنا التزام الصّمت حيال آلام الشعب الفلسطيني

شهد ميدان سانفرانسيسكو وشوارع لاباز في العاصمة البوليفيّة مسيرات ضخمة في 22/10/2023 طالبت بإنهاء إبادة الأجيال في غزّة. كما أنّ رئيس الجمهوريّة البوليفي، لويس آرسي، نشر على «إكس»: «لا نستطيع التزام الصّمت ومواصلة جعل الشعب الفلسطيني الذي يستحق العيش بسلام يعاني الآلام. نرفض جرائم الحرب المرتكبة في غزّة».

في ردّ فعل على استمرار جرائم الصهاينة، أدانت وزارة الخارجيّة البوليفيّة قتل الآلاف من المدنيّين، وأعلنت في بيان رسمي قطع العلاقات الدبلوماسيّة بين بلادها والكيان الصهيوني.

 

كولومبيا: نتانياهو مجنون

ليست تشيلي البلد الوحيد في أمريكا اللاتينيّة حيث هاجم الناس سفارة الكيان الصهيوني في تعبير عن اعتراضهم، ففي 4/11/2023، هاجم المعترضون الكولومبيّون سفارة الكيان الصهيوني ونقشوا رمز النازيّة على جدران السفارة.

وكتب رئيس الجمهوريّة، غوستافو بيترو، على «إكس» أنّ الشعب الفلسطيني يعيش واحدة من أسوأ حالات فقدان العدل في العالم المعاصر. كما نعت نتانياهو بـ«المجنون»، وأعلن أنّه سيدعم الشكوى التي قدّمتها جمهوريّة الجزائر في محكمة الجزاء الدوليّة ضدّ نتنياهو بسبب ارتكابه جرائم الحرب وإبادته الأطفال الفلسطينيّين.

 

نيكاراغوا وكوبا: أمريكا المقصّر الأساسي وشريكٌ في الجريمة

أبدى رئيسا جمهوريّة نيكاراغوا وكوبا، دانييل أورتغا، وميغيل دياز كانيل، ردود أفعال شديدة تجاه ما يحدث في غزّة، واشتركا في الموقف مع كلام قائد الثورة الإسلاميّة، الإمام الخامنئي، القائل إنّ «أمريكا شريكٌ حتمي في جريمة المجرمين، وأمريكا غرقت في دماء المظلومين والأطفال والمرضى والنساء وأمثالهم حتّى المِرفق وتلوّثت بها»، ووصفا البيت الأبيض بأنه شريك في جريمة الصهاينة.»

وقال أورتغا في كلمة عامّة إن أمريكا هي المقصّر الأساسي في مجازر غزّة، مضيفاً: «الحرب الوحشيّة والحيوانيّة لإسرائيل تذكرنا بحكومة الولايات المتحدة، فهي مجرّد جزء من إستراتيجيّة معيّنة، كما أنّ أمريكا أبادت المحليّين في منطقة أمريكا الشماليّة، وسائر القوى أيضاً ترتكب هذا الأمر في آسيا».

أيضاً، رأى الرئيس الكوبي في كلمة متلفزة واشنطن «شريكاً في وحشيّة الصهاينة» بسبب استخدام حق الفيتو ضد قرار وقف النار في غزّة. ونشر دياز كانيل مشاهد للأطفال الفلسطينيّين الشهداء في غزّة على صفحته في «إكس» وكتب: «لن يُسامح التاريخ غير المكترثين... حان الوقت لإنهاء فلسفة النّهب حتى تنتهي فلسفة الحرب. الشعب الفلسطينيّ يعيش اليوم الذعر والخوف».

 

الأرجنتينيّون والمكسيكيّون: اقطعوا العلاقات مع الكيان الصهيوني

جعل الأرجنتينيّون والمكسيكيّون أيضاً سفارات الكيان الصهيوني وجهة مسيراتهم، فشعب الأرجنتين أقام تجمّعاً حاشداً في 9/10/2023 في بوينس آيرس وحمل يافطات طالب فيها بـ«طرد الحكومة العنصريّة» الإسرائيليّة من هذه البلاد. كما أنّ المكسيكيّين أطلقوا مسيرة حاشدة في 18/11/2023 في مدينة مكسيكو، عاصمة هذه البلاد، وانتقدوا المواقف المحتاطة لرئيس الجمهوريّة، أندريس مانويل لوبيس أوبرادور، تجاه ما يجري في فلسطين، وطلبوا من حكومته قطع علاقاتها الدبلوماسيّة والسياسيّة والاقتصاديّة مع حكومة نتنياهو.

 

الهندوراس: أيّتها البشريّة، فلنستيقظ!

كتبت رئيسة جمهوريّة الهندوراس، زيومارا كاسترو، في صفحته على «إكس»: «التزام الصّمت اشتراك في الجريمة التي تهدّد البشريّة. أيّتها البشريّة، فلنستيقظ! لم يعد لدينا وقت».

في نهاية المطاف، أقدمت حكومة كاستروا في 3/11/2023 على خطوة دبلوماسيّة أمام الوضع الإنساني الوخيم للمدنيّين الفلسطينيّين في قطاع غزّة، «فاستدعت السيّد روبرتو مارتينز (سفير الهندوراس لدى الكيان الصهيوني) فوراً من أجل التشاور إلى عاصمتها تيغوسيغالبا».

 

إرسال المساعدات الإنسانيّة إلى أهالي غزّة

کان إرسال حكومات فنزويلا وبوليفيا الحمولات التي تبلغ أوزاناً قدرها 30 و73 طناً من الطعام والدواء إضافة إلى الطائرة المرسلة من الحكومة الكولومبيّة مع التجهيزات الضروريّة إلى مصر من بين المساعدات الإنسانيّة التي قدّمتها دول أمريكا اللاتينيّة إلى أهالي غزّة.

لعلّه يمكن القول إنّه لا توجد قارّة دعمت حكوماتها وشعوبها فلسطين على هذا النحو كما فعلت أمريكا اللاتينيّة، وكلام قائد الثورة الإسلاميّة الإمام الخامنئي في 4/4/2009 إلى رئيس جمهوريّة فنزويلا بشأن الجرائم ضدّ أهالي غزّة في ذاك العام وقطع العلاقات بين كاراكاس والكيان الصهيوني تؤيد هذا المدّعى: «إنّ ما أقدمت عليه حكومة فنزويلا هو في الحقيقة مسؤوليّة الحكومات الأوروبيّة التي تدّعي مناصرة حقوق الإنسان ودعمهم، لكن الحكومات الأوروبيّة المدّعية تحرّكت في المقلب الآخر أمام ما يجري من مجازر بحقّ أهالي غزّة».

لا تثير الاستغراب إطلاقاً المطالبة بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، التي قال الإمام الخامنئي إنّها واحدة من السبل الرئيسيّة لإيقاف الفجائع في غزّة، وإرسال المساعدات الإنسانيّة والكبيرة دعماً لفلسطين من الشعوب التي ترعرع فيها خوزيه مارتي وفيديل كاسترو وتشي غيفارا حيث اختلطت مناهضة الظلم ومفهوم المقاومة بدمائهم.