ـ(25)ـ
علي الخفيف: استعمل علماء الفقه الإسلامي اسم الحق كثيرا في مواضع مختلفة وفي معان عديدة متمايزة ذات دلالات مختلفة، على الرغم من انتظامها في معنى عام يجمعها هو الثبوت، ومع كثرة استعمالهم له، لم يعنوا ببيان حدوده في مواضع استعمالاته المختلفة، بل اكتفوا بوضوح معناه اللغوي، ودلالته عليه، ووفائه لجميع استعمالاته في اللغة والعلوم ومخاطبات الناس وقد كشف الشيخ عبد العزيز البخاري في شرحه "كشف الأسرار" على أصول البزدوي: أن الحق هو الموجود من كلّ وجه، الذي لا ريب في وجوده(1).
وهذا التعريف ـ كما هو ظاهر ـ هو عين معناه اللغوي الذي تقدم ذكره.
وقد عني بعض المحدثين بوضع تعريف فقهي للحق، فقد استنبط الشيخ علي الخفيف تعريفا للحق من استعمالات الفقهاء المتعددة، فقال: ولا نبعد إذا ما ذهبنا إلى تعريفه في الفقه الإسلامي مذهبا نستمده من استعمالاتهم له متفرقة بأنه: ما ثبت بإقرار الشارع وأضفى عليه حمايته(2).
وفي تعريف آخر قال: ما كان مصلحة لها اختصاص بصاحبها شرعا، وقد قيد التعريف بإقرار الشارع، لأن الحق في شرعة الإسلام منحة من الله لعباده، ولا ينبثق إلاّ عن إرادة الشارع.
وممن عرفه من المحدثين أيضاً الشيخ مصطفى الزرقاء، حيث قال: الحق هو اختصاص يقرر به الشارع سلطة أو تكليفا، وذلك كحق الولي في التصرف على من تحت ولايته، فانه سلطة لشخص على شخص، وكحق البائع في طلب الثمن من المشتري، فإنه تكليف على الثاني لمصلحة الأول، وكحق الوارث في ملكية أعيان التركة الموروثة وحق الإنسان في منفعة العقار الموصى له بمنفعته، فإنها سلطة
______________________
1 ـ الشيخ علي الخفيف: التصرف الإرادي والإدارة المنفردة ص 10.
2 ـ المؤلف نفسه، الملكية ـ ص 2.