ـ(34)ـ
المذاهب التي تعرض ابن رشد لآرائها:
يبدو أن ابن رشد، كان لـه إحاطة بآراء فقهاء جميع المذاهب المعروفة وغير المعروفة، عدا ما لم يبلغه ـ وهو بالأندلس ـ من الأقوال التي شاعت في المشرق.
فنجد في هذا الكتاب آراء المذاهب الأربعة، وآراء الظاهرية الشائعة في الأندلس حين ذاك، حيث كان ابن حزم الظاهري، علي بن أحمد (456 ـ 484 هـ) نشرها هناك ودافع عنها دفاعاً بالغاً بكتبه ورسائله كما نجد آراء ابن أبي ليلى (74 ـ 148هـ)، وأبي ثور إبراهيم بن خالد، وأبي عبيد قاسم بن سلام (157 ـ 224 هـ)، وداود بن علي (201 ـ 270 هـ) مؤسس المذهب الظاهري، وسفيان الثوري (97 ـ 161 هـ) وسفيان بن عيينه (170 ـ 198 هـ). وأبي يوسف (113 ـ 182 هـ) وغيرهم.
ومع هذا الاستيفاء للأقوال، فإن ابن رشد لم يذكر شيئاً من آراء الشيعة عموماً ولا من آراء الإمامية خاصة، لان آراءهم لم تصل إليه، وإلاً فأن كثيراً مما عزاه إلى الظاهرية أو غيرهم، توافق آراء الإمامية كما سنشير إليها.

تقسيم المواضيع وتشقيقها:
كما راعى ابن رشد حسن الترتيب في الكتب والأبواب كذلك راعى بدقة تامة هذا النظم في المواضيع المطروحة في كلّ كتاب أولاً بالأجمال ثم بالتفصيل.
فنذكر على سبيل المثال "كتاب الوضوء" (1) حيث قال: "إن القول المحيط بأصول هذه العبادة ينحصر في خمسة أبواب:
الباب الأول: في الدليل على وجوبها، وعلى من تجب ومتى تجب.
الباب الثاني: في معرفة أفعالها.
______________________
1 ـ بداية المجتهد كتاب الوضوء ـ ص 6.