ـ(214)ـ
منشدة إلى الماضي أكثر من الحال والمستقبل، ومثل هذه التهمة توجه إلى عامة فكرنا الإسلامي أيضاً.
والواقع أن هذا الاتهام لـه أكثر من سند ودليل، فالدراسات الإسلاميّة عن العصور الإسلاميّة السالفة والتي تعالج قضايا تاريخية وتراثية أكثر بكثير من التي تعالج قضايانا الراهنة والمستقبلية. ولعل السبب في ذلك يعود إلى أن الإنسان المسلم يملك ذاكرة تاريخية عميقة وعريقة، فيها الكثير من الصور التي تبعث على الاعتزاز والافتخار، من هنا فإن هذه الذاكرة تفرض نفسها على الدراسات الإسلاميّة متى ما أراد الدارس أن يدافع عن نفسه مباشرة أو بصورة غير مباشرة، حين يتعرض لحملات المسخ والتشويه والطعن والاتهام بالرجعية والتخلف.
وهذه العودة إلى الماضي والتراث فيها خير كبير إن أريد لها أن تكون منطلقا لصنع حاضرنا ومستقبلنا، ولكنها تتحول إلى شر مستطير حين نبقى نجتر ماضينا المشرق، دون أن يكون لهذا الماضي إسهام في مصيرنا ومقدراتنا الاعتزاز بالماضي فيه خير كثير إن ساهم في تقوية هويتنا الثقافية، كي لا ننهزم أمام الهويات الغريبة ولكنه قد يتحول إلى غرور كاذب يفقدنا الإحساس بما نحن فيه من تخلف عن ركب المسيرة البشرية.
بعد هذه الوقفة القصيرة نعود إلى المحور الثالث للمؤتمر وهو دراسة الثابت والمتغير على ضوء القرآن والسنة.
وقد تناولت أوراق هذا المحور الموضوعات التالية:
ـ خلود القرآن والسنة والتغييرات الزمانية والمكانية.
ـ ثوابت القرآن والسنة بالنسبة لحركة المجتمع المسلم في المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، وظروف المسلمين الراهنة.
ـ الأصول والضوابط في القرآن والسنة تجاه متغيرات المجتمعات