ـ(163)ـ
لم تحضر كربلاء وبقيت في المدينة المنورة، بسبب مرضها. وهي التي رثت أباها بأبيات أولها:
نعب الغراب فقلت من ___ تنعاه ويلك من غراب (1)

روي عن فاطمة بنت الحسين (الكبرى) أنها قالت: لما أدخلنا على يزيد ساءه ما رأى من سوء حالنا، وظهر ذلك في وجهه، فقال: لعن الله ابن مرجانة وابن سمية، لو كان بينه وبينكم قرابة ما صنع بكم هذا، وما بعث بكن هكذا، قالت فقام إليه رجل من أهل الشام أحمر، وقال لـه : يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية ـ يعنيني ـ قالت وكنت جارية (2) وضيئة، فارتعدت وفرقت، وظننت أن ذلك يجوز لهم، فأخذت بثياب أختي وعمتي زينب، فقالت عمتي: كذبت والله ولؤمت ! ما ذلك لك ولا لـه فغضب يزيد وقال: بل أنت كذبت، إن ذلك لي، ولو شئت فعلته، فقالت: كلا والله ! ما جعل الله لك ذلك، إلاّ أن تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا فقال: إياي تستقبلين بهذا ؟ إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك. قالت زينب: بدين الله، ودين أبي وجدي اهتديت إن كنت مسلماً فقال: كذبت يا عدوة الله قالت زينب: أمير مسلط يشتم ظالماً، ويقهر بسلطانه، اللهم إليك دون غيرك، فاستحيا يزيد، وندم وسكت مطرقاً، وعاد الشامي إلى مثل كلامه، فقال، يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية فقال لـه يزيد أعزب عني لعنك الله، ووهب لك حتفاً قاضياً، ويلك لا تقل ذلك ! فهذه بنت علي وفاطمة.
______________________
1 ـ انظر الخوارزمي ـ مقتل الحسين 2 ـ 92.
2 ـ يطلق لفظ الجارية على الحرة والأمة من النساء.