ـ(121)ـ
الأول: مالا يسوغ التقليد فيه، وهي معرفة الله وصفاته ووحدانيته ودلائل النبوة وما يلحق بها، وسبق أن أشرنا إليها.
الثاني: التي تثبت بطريق ظني، هي المجال الذي يصح فيه الاجتهاد والتقليد.
وثانياً: عدم دلالة الآيات على الحرمة في التقليد لكون النهي فيها إرشادياً لما استقل به العقل، من عدم جدوى الظن في مثل هذه الحالات لاقترانه دائماً باحتمال الخلاف، وبالتالي فهي بعيدة عن ساحة التقليد في الفروع.
وثالثاً: هل يلزم كلّ مكلف أن يجهد نفسه لتحصيل درجة الاجتهاد، وهذا أمر ليس باليسير تحققه، وما معنى قول ابن حزم: (فعلى كلّ مكلف أن يجتهد لنفسه).
ويدرك القائلون بهذا، الصعوبة التي تواجه المكلفين في إلزامهم بترك التقليد، ولذا نرى ابن حزم يتسائل قائلاً: (فإن قال قائل: كيف يصنع العامي إذا نزلت به نازلة؟).
ويجيب على ذلك بأن نكلف العوام الاجتهاد، ولكن يختلفون في كيفية الاجتهاد، فلا يلزم المرء إلاّ مقدار ما يستطيع عليه.
أما الشوكاني فقد أرجع المكلف العامي إلى الله ورسوله في الكتاب والسنة، و إلاّ فيما يظهر للمكلف من الرأي، واستشهد بقضية إرسال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) معاذ بن جبل في واقعة معروفة(1).
ونقل ابن حزم الظاهري عن مالك قوله:
(أنا بشر أخطيء وأصيب، فانظروا في رأيي، فما وافق الكتاب والسنة
______________________
1 ـ إرشاد الفحول: 268.