ـ(87)ـ
وهذا المبدأ مطبق في جميع التكاليف المالية الإسلاميّة، زكاة وخراجا (1) وغير ذلك قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) "إنّما أمرنا أن نأخذ منهم العفو. أتدري ما العفو ؟ الطاقة"(2).
ومراعاة لهذه المبدأ شرع النصاب، وأعفيت الحوائج الأصلية (الحاجات الأساسية) وعروض القنية (التي تتخذ للاقتناء لا للتجارة)، وجرى التخفيف في الخرص (التقدير التقريبي، بدون كيل ولا وزن) في زكاة الثمار، واختلفت المعدلات بين 5/2% و 5% و10%، بحسب ما طبقت عليه: هل هو أصل ونماء (كالنقود والعروض التجارية) أم نماء فقط (كالزروع والثمار) ؟ كما اختلفت المعدلات باختلاف المؤن (النفقات) كما في الزروع والثمار: 5 % للمسقية، و 10 % للبعلية.
قال السرخسي: "لكثرة المؤنة تأثير في نقصان الواجب (3)". والواجب: المعدل.
2 ـ اعتدال المعدل: فمن المعلوم أن المعدل إذا زاد على حدّ معين نقصت الحصيلة، نتيجة إضعاف الحافز على النشاط الاقتصادي وهذا المبدأ معروف في علم المالية العامة الحديثة، وقد تنبه إليه أسلافنا منذ أمد بعيد قال أبو يوسف: "إن العدل وأنصاف المظلوم، وتجنب الظلم، مع ما في ذلك من الأجر ـ الثواب ـ يزيد به الخراج، وتكثر به عمارة البلاد والبركة مع العدل تكون، وهي تفقد مع الجور.والخراج المأخوذ مع الجور تنقص البلاد به وتخرب"(4).
وفي كتاب العز بن عبد السلام "فإن قيل: لم منعتم الزيادة على العشر في
______________________
1 ـ الخراج قد يراد به إيراد مالي مخصوص، يفرض على أهل الذمة، على الأرض ويكون من باب الأجرة (العامة) إذا كانت الأرض للمسلمين، ومن باب الفريضة المالية إذا كانت الأرض ملكاً لأهل الذمة. وقد يراد به مجموع إيرادات الدولة. فأبو يوسف سمى كتابه: "الخراج"، وتكلم فيه عن الزكاة وألفي والغنيمة وسائر ما تكلم عنه أبو عبيد في: "الأموال".
2 ـ الأموال لابن زنجويه 1: 167.
3 ـ المبسوط للسرخسي 3: 4.
4 ـ الخراج لأبي يوسف: 111.