ـ(81)ـ
مما يعترف به جميع العقلاء في العالم (1) وكذلك يعتمد النظر المجرد الذي يستعين بقواعد اللغة وأساليب البيان من غير أن يخالف تفسيراً عن النبي (صلى الله عليه وآله)، أو يتنافى مع أسباب النزول التي صحت طرق إثباتها وبالتالي فهو اعتماد النظر العقلي في آيات القرآن وألفاظه"(2).
وكما قال ابن تيمية في مقدمة أصول التفسير: إن هذا النوع مما أجازه العلماء شريطة أن لا تعرض فيه بشاعة ولا استقباح مع ملاحظة الاعتماد على ما نقل عن النبي (صلى الله عليه وآله) مما ينير السبيل للمفسر برأيه على أن يكون ذا معرفة واطلاع بقوانين اللغة وأساليبها، وبصيراً بقانون الشريعة حتّى ينزل كلام الله على المعروف من تشريعه"(3).
وإن كان المصدر في التفسير هو العقل مع عدم مراعاة الضوابط المتقدمة: فإنه قد عده العلماء من التفسير الحرام استناداً لرواية ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار"(4).
وذلك لأن كثيراً من نتائج هذا التفسير تأتي مناقضة لحقائق الشريعة"(5) بل يعتمد هذا اللون من التفسير على الآراء المسبقة فإنه في غالب حالته يخضع الآيات للعقائد التي اعتنقها المفسر في مدرسته الكلامة كما في تفاسير المعتزلة والاشاعرة والباطنية والمتصوفة فإن لهؤلاء عقائد خاصة في مجالات مختلفة زعموها حقائق على ضوء الاستدلال"(6). فعملية التفسير هذه لا تخلو من حمل القرائن على الهوى بدل حمل الهوى على القرآن، وبالتالي تفتح مجالاً واسعاً لأن يقول كلّ في القرآن بما شاء ويطبقه على ما يشاء، وهذا ما حصل من قبل كثير من مفسري الفرق
______________________
1 ـ رسالة القرآن ـ العدد الأول ـ ص 19 ـ تحت عنوان المناهج التفسيرية ـ الشيخ جعفر سبحاني.
2 ـ تفسير القرآن بالقرآن عن العلامة الطباطبائي ـ د. خضير جعفر ـ ص 55 ـ عن بحوث إسلامية للدكتور بلتاجى ص 70.
3 ـ البرهان ج 1 ـ ص 178.
4 ـ المصدر السابق ـ ص 56.
5 ـ الطباطبائي ومنهجه في تفسيره الميزان ـ د. علي الأوسي ـ ص 105.
6 ـ رسالة القرآن ـ العدد الأول ـ ص 23 ـ تحت عنوان المناهج التفسيرية ـ الشيخ جعفر سبحاني.