ـ(80)ـ
وقال في الحديث الثاني: له معنيان: أحدهما من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذهب الأوائل من الصحابة والتابعين فهو متعرض لسخط الله تعالى، والآخر ـ وهو الأصح ـ من قال في القرآن قولاً يعلم أن الحق غيره فليتبوأ مقعده من النار(1).
وفي مباحث في علوم القرآن.
"أما التفسير بالرأي فقد اختلف العلماء حوله، فمن محرم له، ومن مجوز لكن اختلافهم يؤول في الحقيقة إلى أن المحرم منه هو الجزم بأن مراد الله كذا من غير برهان، أو محاولة تفسير الكتاب الكريم مع جهل المفسر بقواعد اللغة، وأصول الشرع، أو تأييد بعض الأهواء بآيات من القرآن زوراً وبهتاناً، أما إذا كانت الشروط المطلوبة متوافرة في المفسر فلا مانع من محاولته التفسير بالرأي، بل لعلنا لا نبعد إن قلنا: إن القرآن نفسه يدعو إلى هذا الاجتهاد في تدبر آياته وفق تعاليمه، قال تعالى: [أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها] (محمّد ـ 22)، وقال: [كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته، وليتذكر أولوا الألباب](ص: 29) (2).
والخلاصة في المقام الذي يمكن أن يستفاد من كلمات العلماء فيما نقلناه عن السيوطي وغيره هو أن كلّ ما ليس بنقلي في مصادر التفسير فهو عقلي يدخل تحته كلّ أنواع التفسير بالرأي بل بالرمز، والإشارة، وبالباطن، والتفسير العلمي الذي يحاول الاستفادة من العلوم التجريبية وكذلك التفسير الفلسفي، وغير ذلك.
فإن كان المصدر في التفسير هو العقل مع مراعاة الضوابط التي ذكرت كشروط للمفسر وللتفسير فإنه من التفسير الجائز شريطة أن لا تكون نتائجه مخالفة لحقائق الشريعة (3) وذلك أنّه "يعتمد" تحليل الآيات الواردة في المعارف على ضوء الأحكام العقلية القطعية الثابتة لدى العدلية (كالتحسين والتقبيح) العقليين وغيرها
______________________
1 ـ الإتقان ـ السيوطي ـ ج 4 ـ ص 210 ـ 212 نقلناها على رغم طولها لما فيها من تعدد الآراء والإفهام.
2 ـ مباحث في علوم القرآن ـ صبحي الصالح ـ ط: 5 ـ ص 292.
3 ـ الطباطبائي ومنهجه في تفسيره الميزان ـ د. على الأوسي ـ ص 105.