ـ(53)ـ
في تبعات مالية كبيرة والى تزلزل أسس النظام العام والخاص في اكثر الدول التي هي أعضاء في المجتمع الدولي، كلّ هذا دفع الدول للتدخل في الأمور وجعلها تبادر إلى وضع القوانين والنظم الخاصة لتأمين حقوق العمال وحذف الأسس التي تضر بالمنافع العامة للمجتمع وذلك عن طريق خلق ظروف خاصة في علاقات العامل ورب العمل، وأعطت هذا الحق الذي كان حقا خاصا طابعا عاما وأخرجته من كونه متمحضا في الإرادة الفردية للعمال وأرباب العمل، وجعلت اتفاقهما في تلك الأمور فاقدا للأثر، مثلاً: لا يمكن أن تحدد أجرة العامل بما دون الحدّ الأقل المعين مهما كانت الظروف، وكذلك لا يمكن الاتفاق على خصوصيات التأمين الضرورية للعمل وغيره.
وبعبارة مبسطة، فإن تعاقد العمل الذي كان يعتبر بالأمس من مصاديق الحقوق الخاصة المحضة، فإنه اليوم فقد ماهيته الخصوصية وأصبح يعتبر من ماهيات الحقوق العامة والأمر الآخر في هذا المجال هو قضية حقوق العائلة، فهذا لابد أن يبحث باعتبار أن هناك أحكاماً شرعية وقوانين خاصة تحكم عليها، كما إنه قد وجدت تغييرات اجتماعية أساسية حصلت في المجتمعات البشرية في عصر الصناعة والتقنية الحديثة، باعتبار هذا فإنه لابد من الاستشارة العلمية والفقهية في ذلك، فهل أن الحقوق الحاكمة على علاقات المرأة والرجل ونظام الأسرة الذي يعتبر الركن الأساسي المهم في الحياة الاجتماعية لكل مجتمع خاصة مائة بالمائة؟ وأن الطرفين يمكنهما عندما يرغبان بذلك وكذلك يمكنهما أن يبطلاها بأي نحو أرادا أيضاً، فهل أن الأسرة أساسا هي من الحقوق الخاصة ؟ بمعنى أنها مرتبطة بإرادة هذين الشخصين، ولا يوجد أي شيء يحد من سلطة إرادتهما المطلقة عليها كما هو الحال في البيع والشراء، وإيجاد التعاقد الذي يوجده الطرفان ؟ وهل أنّه لا يوجد أي أصل من الخارج يحكم عليها ؟ وهل أنّه من وجهة نظر الحقوق الإسلاميّة كذلك أيضاً ؟
لابد أن نرى أنّه من وجهة نظر القرآن والمصادر الحقوقية الإسلاميّة، ما هي علاقة حقوق الأسرة مع من ينفذ القانون ويدير المجتمع ويحكمه ؟ والى أي حد