ـ(31)ـ
والطريقية بطبيعة الحال، إلاّ أنها رؤية ناقصة وأدلة حجية الإمارات تتكفل بتتميم كشفها تعبدا، بمعنى إلغاء احتمال الخلاف تعبدا وهذا أمر ممكن (1).
فلا يبقى لاحتمال الخلاف بعد قيام الدليل على اعتبار الأمارة وحجيتها قيمة، فإذا تم كشفها بتعبد من الشارع، كان علما، بعناية التعبد الشرعي ومنجزا لمؤداه بطبيعة الحال لان التنجيز هو الأثر العقلي للعلم وهذا هو معنى ما اشتهر من مدرسة الشيخ الأنصاري (رحمهما الله) بان المجعول في باب الإمارات هو الطريقية والكاشفية.
وأما التحرك العملي نحو المؤدي فهو من لوازم العلم بالمؤدي وانكشاف المؤدي للمكلف، ولو على نحو التعبد وإلغاء الخلاف، وليس هو المجعول ابتداء في أدلة حجية الإمارات.

مفاد أدلة حجية الأصول هو الجري العملي:
وأما مفاد الأدلة الدالة على حجية الأصول فهذه النقطة الثالثة من جهات العلم، بمعنى أن المجعول في الأصول هو الجري العملي بموجب المؤدي، وليس في الأصول أي كشف أو إحراز وروية للمؤدي إطلاقا، وإنّما تتكفل أدلتها فقط بضرورة الجري العملي بالطريقة التي يقررها الأصل من البراءة والاشتغال والاستصحاب والتخيير، من دون فرق بين الأصول التنزيلية كالاستصحاب وغير التنزيلية كالاشتغال والبراءة إلاّ أن الأصول التنزيلية تختلف عن الأصول غير التنزيلية في أن المجعول في باب الأصول التنزيلية هو البناء العملي بموجب الأصل على انه هو الواقع وإلغاء احتمال الخلاف، وأما المجعول في باب الأصول غير التنزيلية فهو الجري العملي فقط دون البناء على انه هو الواقع.
وهذا هو ما اشتهر على ألسنة تلاميذ الشيخ (رحمهما الله) أن المجعول في
______________________
1 ـ يرى المحقق العراقي (رحمهما الله) أن الكشف وتعميمه أمر تكويني غير قابل للجعل والرفع بالتشريع ولكنه من الممكن أن يتعلق التشريع بإلغاء احتمال الخلاف.