ـ(22)ـ
أذن لا يكون الدليل حجة إلاّ إذا كان بذاته علما وقطعا أو كان يعتمد في حجيته دليلا قطعيا ولو بعدة وسائط.
وأما الأدلة الظنية التي لا توجب القطع ولا تعتمد على دليل قطعي فلا تكون حجة.
وما لم نعلم علما يقينيا، بان الشارع قد اعتمد سبيلا من السبل الظنية واعتبره وتعبدنا به لا يجوز لنا أن نتمسك به ونسند مفاده إلى الله.
وهذا اصل هام في الاستنباط، ويستدل الشيخ الأنصاري (رحمهما الله) على ذلك بالأدلة الأربعة:
فمن الكتاب العزيز يقول تعالى: [إن يتبعون إلاّ الظن وإن هم إلاّ يخرصون] (الأنعام: 116) ويقول تعالى: [قل الله أذن لكم أم على الله تفترون] (يونس: 59).
وبموجب هذه الآية المباركة فاستناد كل ما لم يأذن به الله تعالى إلى الله من الافتراء على الله القبيح عقلا، والمحرم شرعا، وليس من الإذن والافتراء فاصل.
ومن السنة الشريفة يستدل بما رواه الحر العاملي (رحمهما الله) في وسائل الشيعة الباب الرابع من صفات القاضي الحديث (6).
(رجل قضى بالحجة وهو لا يعلم).
ومن الإجماع ما ادعاه الوحيد البهبهاني (رحمهما الله) من أن حرمة العمل بما لا يعلم من البديهيات عند العوام فضلا عن الخواص.
ومن العقل اتفاق العقلاء على تقبيح الافتراء على الله تعالى.
ولا يخرج المكلف والفقيه من حالة الافتراء إلاّ إذا استند إلى حجة قطعية على اعتبار ظن خاص كان ذلك الظن حجة بها، ومستندا إليها ومن دون ذلك لا يكون الظن حجة.
وهذا اصل هام في باب الحجج ذكرناه من قبل وأطلقنا عليه عنوان الاستناد إلى الحجة.
ومحصل هذا الأصل: أن الظن ليس بحجة بذاته ولا يجوز اعتماده والاستناد