ـ(217)ـ
أن يجد مخلصاً من استخلاص التاريخ النقي بكل موضوعية ألزم نفسه بمجموعة أمور هي عبارة عن منهج البحث في التاريخ:
"قد رأيتني لذلك ملزما أن لا أدخل معهم في بحوثها قبل أن التمس له:
أولاً: أسباب هذا التضارب والتناقض في تسجيل أحداثه.
ثانياً: المنهج الذي يجب أن نسلكه لاستخراج الواقع التاريخي من بينها سواء في تحقيق النص أم التأكد من صحته.
ثالثاً: تفسير النص وذلك بعد عرض المذاهب المختلفة في تفسير التاريخ ومناقشتها وتعيين وجهة نظر الكاتب فيها إن صح أن له وجهة نظر خاصة.
رابعاً: الحكم بما يستحق من حكم"(1).
عندما تطرح هذه الضوابط أو قل النقاط العامة للمناقشة والبحث بين علماء ومفكري الإسلام، يخلصون من خلالها إلى وضع معايير وضوابط تقريبية ـ على أقل التقادير ـ على أساسها يوزن الخبر من حيث الصدق أو الكذب أو من حيث التحقيق، طبعاً هذا يكون بعد الاتفاق على كونها ضابطة عند الجميع، عندها يسهل الأمر في إعادة كتابة التاريخ أو تضييق الهوات الواسعة بين الفرق الإسلاميّة على الأقل.
ولا يفهم من هذا الأمر أن هذا المشروع يراد منه إلغاء اتجاه أو مدرسة ما، كما لا يراد منه الذوبان وفقدان الهوية، إنّما يراد منه التقريب بين وجهات النظر إضافة إلى عودتنا إلى تاريخنا الحقيقي الذي يمثل تراثنا الفاعل في حاضرنا.
أضف إلى هذا أن مشروع الإعادة لا يراد منه أن نلغي الكتب التاريخية الموسوعية أو نرمي بها في أعماق البحر إنّما تبقى هذه الكتب والمخطوطات
______________________
1 ـ قصة التقريب بين المذاهب ـ مناهج البحث في التاريخ ـ محمّد تقي الحكيم ص 6.