ـ(19)ـ
تكاملت هذه الدراسات وبلغت نضجها العلمي على يد فقيهين كبيرين تعاقبا على موقع الريادة في علم الأصول في القرنين الثاني عشر والثالث عشر في مدرسة كربلاء والنجف، وهما مدرستان علميتان بارزتان في تاريخ الفقه والأصول لدى الشيعة الإمامية.
وهذان الفقيهان هما الوحيد البهبهاني (1118 ـ 1205) والشيخ الأنصاري (1214 ـ 1281 هـ) (رحمهما الله) ونحن نعتقد أن المنهج العلمي الذي تمخضت عنه هذه المدرسة يصلح أساساً علمياً جيدا لتوحيد المنهج العلمي في الاستدلال وترتيب الأدلة والحجج، إذا عرض على دراسات نقدية من قبل فقهاء المذاهب الإسلاميّة .
وفيما يلي أحاول إن شاء الله تقديم صورة موجزة عن المنهج العلمي في هذه المدرسة في ترتيب الأدلة الاجتهادية وتقديم بعضها على بعض والمنهج العلمي لتوظيفها في الاستنباط.
وقد اقتبست هذه الدراسة من دراسة سابقة في هذا الموضوع كنت قد أعددته من قبل عن مدرسة الشيخ الأنصاري (رحمهما الله) في الأصول.
على أمل أن يتم تقديم دراسة علمية مشابهة لتوحيد الحجج والأدلة الفقهية التي يمكن الوصول إلى رأي فقهي مشترك في إثبات حجيتها وإمكان اعتمادها في الاستنباط.
وإذا تمت هذه النقطة وتلك على أساس علمي دقيق أمكن الوصول إلى اجتهادات فقهية مشتركة أو متقاربة في طائفة واسعة من المسائل المختلف فيها في العبادات والمعاملات (بالمعنى الأعم).
وسوف نتحدث في هذه الدراسة بإيجاز عن النقاط التالية:
1 ـ تعريف الحجة والدليل في اللغة والاصطلاح.
2 ـ الحجة الذاتية والحجة بالعرض.
3 ـ مبدأ الاستناد إلى الحجة.
4 ـ منهج ترتيب الحجج من حيث الاستناد.