ـ(141)ـ
فالأمة الإيطالية (وجدت وحدتها... في صراعها ضد السيطرة النمساوية) (1) وقد سجل التاريخ نزاعات وحروب دامية بين أبناء العرق الواحد على أساس المصلحة ومن أجلها سواء كانت اقتصادية أو سياسية.
ويمكننا أن ندلك على عدم التجانس كعامل أصيل في الاندماج من خلال عجز النموذج العربي المتجانس قومياً على إقامة دولة قومية، لا في العصر الحاضر ولا في الماضي السابق على الإسلام حيث كانت القبائل تعيش نزاعات مستمرة تعدً حرب (البسوس) (2) أشد نموذجها سوءاً إذ دامت ما يقرب من أربعين سنة متواصلة.
بينما نرى في دولة الولايات المتحدة نموذجاً آخر لا يقوم على التجانس القومي وهناك نماذج تعيش تعدد قومي وعرقي أو ديني دون أن يؤثر ذلك على وحدتها السياسية أو يضعف من أواصرها الاقتصادية ويمكننا أن نضع الدولة الإسلاميّة الإيرانية نموذجاً معاصراً يعتمد على الوعي في إقامة كيان غالب لكل عوالم الضعف العرقية والمذهبية فضلاً عن الأعداء في الخارج.
ومن هنا فإن التجانس يدخل في عداد العوامل الثانوية بكل أنواعه (التجانس القومي، التجانس الديني، التجانس الثقافي) والتي تنقسم بدورها إلى طبيعية أو شبه طبيعية.
والطبيعية هي تلك المقومات التي يجد الإنسان نفسه حاملاً لها دون اختياره من قبيل انتمائه قهراً إلى عرق بشري معين وشبه الطبيعية: هو المقوم الفطري من قبيل الدين والعادات والأعراف.
أما سواها فهي إرادية ولا تشكل عائقاًً في تأخير الأواصر من قبيل الأذواق والتصورات غير الدينية.
ولو تجاوزنا دور التجانس فإننا سنتجه نحو دراسة التعدد الحالي في العالم الإسلامي وعوامل قيامه التي ترتبط أصلاً بنشوء الأمة الإسلاميّة، وبعبارة أخرى
______________________
1 ـ حليم بركات59 ، المجتمع العربي المعاصر.
2 ـ تاريخ اليعقوب 1: 225، عن دار الثقافة والنشر، قم ـ إيران.