ـ(54)ـ
وموقف الإسلام من نصوصه فإني أو جز هذا الموقف كما يلي:
أولاً: مساواة المواطنين أمام القانون وعدم التمييز بينهم:
الإسلام جعل الناس جميعاً ـ وليس المواطنين وحدهم ـ سواء أمام القانون فلا يميز الحاكم عن المحكوم، ولا الغني عن الفقير، ولا الشريف عن الوضيع، كما لا يميز جنساً على جنس، ولا طبقة عن طبقة، إلاّ بمقدار ما يقدمون من عمل نافع لأمتهم، قال الله تعالى "هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون"(1)، وقال "لا يستوي الخبيث والطيب"(2).
والمساواة أمام القانون معناها تنفيذ حكم القانون دون تمييز بين عناصر الناس والوانهم وأديانهم وأجناسهم، سواء أكان في الحقوق أو الواجبات.
ومعروف أن الإسلام هو أول دين قرر المساواة نظرياً وعملياً في العبادات والمعاملات، وميز الأسود على الأبيض بالعمل الصالح، وجعل المملوك العبد صاحب سلطان يحكم بشريعة الله. قال محمّد ـ عليه السلام ـ [أنا شهيد أن العباد كلهم أخوة](3)، وقال "الخلق كلهم عيال الله فأحبهم إلى الله انفعهم لعياله"(4).
ثانيا: حق الشعب في الاشتراك في الحياة العامة وتولي المناصب:
من الأمور البديهية في الإسلام وهو المعبر عنه فقهاً: "ما هو معلوم من الدين بالضرورة"، أن لأي فرد في الأمة أن يشترك في جميع شئون الحياة العامة فليس في الإسلام ثيوقراطية ولا أرستقراطية أي لا كهانة ولا طبقية، ولكل إنسان أن يبدي رأيه في شئون السياسة وأن يشترك في اختيار الحاكم، بل إنّ الإسلام يفرض على كلّ فرد في الأمة أن يبايع الرئيس المنتخب ولا تثبت رئاسته إلاّ بالبيعة، ففي
__________________________________
1 ـ سورة الزمر: 9.
2 ـ سورة المائدة: 100.
3 ـ إتحاف السادة المتقين للزبيدي 2: 94.
4ـ رواه أبو علي في مسنده.