ـ(37)ـ
بشيءٍ يقع فيه البداء على البت).
كشف العذاب عن قوم يونس ـ عليه السلام ـ
قال الله سبحانه وتعالى: [فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلاّ قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين](1).
ويظهر من الروايات التفسيرية: أن النبي يونس ـ عليه السلام ـ أنذر قومه وهددهم بنزول العذاب في مدة ثلاثة أيام، ثم تركهم وخرج من بينهم، وخرج معه صحابي لـه ، عابد، ولكن صحابيا آخر ـ الذي كان عالماً ـ بقي فيما بينهم، وكان هو بنفسه بين الخوف والرجاء، فبدأ بتوبيخهم وتهديدهم وقال لهم: إنّ عذاب الله لآت لا محالة، إلاّ أن ينيبوا أو يتوبوا إلى الله ويؤمنوا به وبنبيه يونس ـ عليه السلام ـ فآمنوا بصميم قلوبهم وحسن إسلامهم وبدأوا بالتضرع والابتهال والاستكانة لله تعالى، فجاءت سحابة العذاب واستقرت على رؤوسهم ثم كشفها الله عنهم كما تدل عليه الآية الكريمة.
ويستنبط من هذه القصة: أن النبي يونس ـ عليه السلام ـ كان توعدهم بنزول العذاب إنّ لم يؤمنوا لأنه لو كان أخبرهم بقضاء حتم لم يبق مجال لصاحبه أن يحثهم على الإسلام ويدعوهم إلى التوبة والإنابة والتضرع والابتهال، وكذلك لو كان هذا القضاء حتماً لم يكن لإيمانهم نفع ولا أثر، ولكانوا من الهالكين ولكنهم آمنوا فنجاهم الله من العذاب ولو لم يؤمنوا لنزل عليهم العذاب لا محالة.
فظهر من هذا: أن العذاب كان مشروطاً بعدم أيمانهم، ولما فات الشرط فات المشروط وبهذا وقع البداء في علم يونس ـ عليه السلام ـ ؛ لأنه كان لا يظن أن قومه سيؤمنون.
فهذه من المصاديق الكاملة للبداء بالمعنى الذي أفادنا به شيخنا المفيد رحمه الله، ويرى فيها جهات عديدة لوقوع البداء
وفي الختام نذكر روايات أبدى فيها الإمام أبو عبدالله والرضا عليهما السلام أهمية
__________________________________
1 ـ يونس: 98.