ـ(230)ـ
ولنذكر نموذجاً آخر من فارس بني حمدان، أبي فراس الحمداني يقول في ميميته(1)
العظيمة يهجو بني العباس ويمدح آل البيت، ويقارن بين البيتين العباسي والعلوي، (انظر بدقة إلى معياره في المقارنة):
يا باعة الخمر كفوا عن مفاخركم عن فتية بيعهم يوم الهياج دم
خلوا الفخار لعلامين إنّ سئلوا يوم الفخار وعمالين إنّ علموا
لا يغضبون لغير الله إنّ غضبوا ولا يضيعون حكم الله إنّ حكموا
تنشى التلاوة في أبياتهم أبداً ومن بيوتكم الأوتار والنغم
منكم علية أم منهم؟ وكان لكم شيخ المغنين إبراهيم أم لهم؟(2).
__________________________________
1 ـ ديوان الأمير أبي فراس الحمداني: 257 ـ 262.
2 ـ علية: بنت المهدي، اخت الخليفة العباسي هارون الرشيد، قال القيرواني في زهر الآداب 1: 43: "كانت علية لطيفه المعنى، رقيقة الشعر، حسنة مجاري الكلام، ولها ألحان حسان، وعلقت بغلام اسمه (رشا) وفيه تقول:
أضحى الفؤاد بزينبا صباً كثيباً متعبا
فجعلت زينب سترة وكتمت أمراً معجبا
قولها بزينب تريد برشا فنمي الأمر إلى أخيها الرشيد، فأبعده، وقيل: قتله. وعلقت بغلام اسمه (طل) فقال لها الرشيد: والله لئن ذكرته لاقتلنك. فدخل عليها يوماً على حين غفلة وهي تقرأ: فإن لم يصبها وابل فما نهى عنه أمير المؤمنين فضحك، وقال: ولا كلّ هذا...
أما إبراهيم، فهو ابن المهدي عم المأمون، مغن موسيقار، يعرف بابن شكله. حينما بايع المأمون الإمام الرضا بولاية العهد، نقم عليه العباسيون، فاستغلوا وجود المأمون في (مرو)، فبايعوا إبراهيم خليفة للمسلمين وفي مدة تربعه على كرسي الخلافة أصيبت الخزينة بالعجز، فألح عليه الجند وغيرهم في أعطياتهم، فخرج إليهم رسول يقول: أنّه لا مال عند الخليفة، فطلب المتجمهرون بدلاً من المال أن يخرج الخليفة فيغني لأهل هذا الجانب ثلاث أصوات، ولأهل ذاك الجانب ثلاث اصوات (وفيات الأعيان 1: 8.)
وفي ذلك يقول دعبل:
يا معشر الأجناد لا تقنطوا وارضوا بما كان ولا تسخطوا
فسوف تعطون (حنينية) يلتذها الأمرد والأشمط
و(المعبديات) لقوادكم لاتدخل الكيس ولا تربط
وهكذا يرزق أصحابه خليفة مصحفه (البربط)
الديوان: 219.