ـ(23)ـ
3 ـ أصحاب الكمون والظهور كانوا يعتقدون أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ خلق جميع الأشياء في آن واحد، ولا تقدم هناك ولا تأخر في خلق آدم وخلق عيسى عليهما السلام، وكل ما نراه من التقدم والتأخر فإنما هو في الظهور فقط لا في أصل الخلقة.
4 ـ والنظام من المعتزلة تابع أصحاب الكمون والظهور، ولكنه أصلحه حسب زعمه فقال: إنّ هناك حلقة وسطاً بين العدم والوجود وسماها "الثبوت"، ومراده: أن الله تعالى قد أثبت كلّ شيءٍ دفعةً واحدة في الأزل، والتقدم والتأخر إنّما يحصل في ظهور شيءٍ بعد شيءٍ على منعة الوجود.
فهؤلاء كلهم قد عطلوا الله سبحانه عن كل عمل في هذه الأيام؛ لأنه قد فرغ من شؤون الخلق كافة يوم الأزل، وقد جف القلم بما هو كائن.
ب ـ العقيدة الصحيحة الإسلاميّة :
أما الإسلام فشدد النكير على تلك النظريات الفاسدة والتي تجعل الله معطلاً، غير قادر على شيءٍ ـ فلا نسخ هنالك ولا تغير ولا تبديل حسب مزاعمهم ـ والتي تقول: إنّ الدعاء والصدقة وبر الوالدين وصلة الرحم وإكرام الجار ـ مثلاً ـ لا علاقة لها بالسعادة والشقاوة.
ولكن القرآن يقول: [ألا لـه الخلق والأمر](1)، ويقول [يسأله من في السماوات والأرض كلّ يوم هو في شأن](2)، ويقول: [يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب](3)، والله تعالى يبشر عباده فيقول: [فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان](4)، ويقول: [ادعوني استجب لكم ](5).
فالكتاب والسنة والعقل كلها تدل على أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قادر، قاهر، فاعل بالإرادة، وهو يحيي، ويميت، ويبسط الرزق، ويقدر، ولا تتحرك ورقة في شجرة إلاّ
__________________________________
1 ـ الأعراف: 54.
2 ـ الرحمن: 29.
3 ـ الرعد: 39.
4 ـ البقرة: 186.
5 ـ غافر: 60.