ـ(152)ـ
صنفت الإمامية من عهد أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ، إلى عصر أبي محمّد الحسن العسكري ـ عليه السلام ـ أربعمائة كتاب، تسمى الأصول، ويا هذا معنى قولهم: لـه أصل (1).
فبلحاظ الأقوال المذكورة أعلاه لعلمائنا، ومحققي الحديث لمذهب أهل البيت ـ عليه السلام ـ يمكن القول: بأنه لم يتشخص بشكل دقيق عدة أصحاب هذه الأصول، ولم تذكر الكتب الرجالية، والفهارس تاريخ تأليف هذه الأصول، ولا تواريخ وفيات مصنفيها(2).
ويظهر من الشيخ الطوسي في أول فهرسه أن عدم ضبط عدد تصانيف الأصحاب، وأصولهم نشأ من كثرة الانتشار للأصحاب في البلدان.
والذي يظهر من هذه الأقوال: أن الأصول المذكورة، ومؤلفيها لم تكن أقل من أربعمائة، وأن أكثرها كانت من صنع أصحاب الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ (3). أو ممن أدركوا أباه الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ ، أو ممن أدركوا ولده الإمام الكاظم ـ عليه السلام ـ .
ولبيان ذلك لابد من إطلالة على الظرف التاريخي الذي أحاط بتلك الفترة مما يكشف عن استفادة الأصحاب من تلك الظروف التي أعقبت الشدة، والقسوة من قبل سلطان الحكم، وسبقت مثيلها من ضروب الظلم، والعسف التي طالت أهل البيت ـ عليه السلام ـ .
إنّ ضعف الدولتين الأموية والعباسية، واشتغال أهلها بالدنيا، وأمور الملك عن أهل الدين كان ذلك بعد نهاية حكم الحجاج بن يوسف سنة 95هـ. حتّى انقراض الأمويين بموت مروان سنة 113 هـ، ثم أوائل حكم بني العباس إلى أوائل أيام هارون الرشيد، وهو الموافق لأوائل عصر الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ ت 144 هـ وتمام عصر الإمام الصادق ت 148 هـ، وبعض عصر الإمام الكاظم ـ عليه السلام ـ ت 184 هـ، فقد كانت فضلاء الشيعة، ورواتهم في تلك الفترة من السنين مطمئنين متجاهرين بالولاء لأهل البيت ـ عليه السلام ـ ، وقد كتبوا عن ائمتهم اكثر ما ألفوه، ولم يستطع فضلاء الشيعة،
__________________________________
1 ـ معالم العلماء ص: 3.
2 ـ الذريعة 2: 128.
3 ـ كليات في علم الرجال ص: 481 ـ 482.