ـ(145)ـ
في عالم الكتابة من صنع مؤلفها وجود أصلي بدوي ارتجالي غير متفرع من وجود آخر، فيقال لـه الأصل.
وعليه فإن كان كتاب الحديث جميع أحاديثه، أو بعضها منقولاً عن كتاب آخر سابق وجوده عليه، ولو كان هو أصلاً وذكر صاحبه لهذا المؤلف أنّه مروياته عن المعصوم عليه السلام، وأذن لـه كتابتها، وروايتها عنه لكنها لم يكتبها عن سماع الأحاديث عنه بل عن كتابته، وخطه، فيكون وجود تلك الأحاديث في عالم الكتابة من صنع هذا المؤلف فرعاً عن الوجود السابق عليه
وهنا يشير الشيخ الطهراني في الذريعة في تعريفه الأخير للأصل: وهذا مراد الأستاذ الوحيد البهباني من قوله: الأصل هو الكتاب الذي جمع فيه مصنفه الأحاديث التي رواها عن المعصوم أو عن الراوي عنه(1).
إنّ الأصول الأربعمائة هي من أمهات الكتب الحديثية، وقد اعتمدتها الطائفة، واستقر عليها أمر المتقدمين كما أشار إلى ذلك علماؤنا ومحققونا.
وان هذه الأصول الأربعمائة ليس بالضرورة أن يكون لها مؤلفون بعددها، فلعله أحياناً أن يكون المؤلف، أو الجامع واحداً لعدة أصول، ولكن صاحب الذريعة يؤكد على أنهم لم يكونوا أقل من أربعمائة(2).
ومن جهة أخرى، إننا لم نحصل على أسمائهم، وأعدادهم بشكل دقيق، وأن هذه الأصول لا توجد عندنا الآن باستثناء عدد قليل منها، وربما يقدر بأكثر من خمسين فيما لو ضممنا إليها بعض المخطوطات (الأصول)، هذا ما عبر به أحد العلماء الإجلاء. وليس سهلاً أن تحصى، وتستوفى هذه الأصول ـ وقد صرح بذلك الشيخ الطوسي ـ فأصحابنا منتشرون في كلّ البلاد.
وقد ذكر أنّه كتب أكثر من ستة آلاف كتاب كلها من أحاديث الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ . ولكن أين ذهبت هذه الثروة العلمية الهائلة، وماذا عرض لها؟
وترجع الأصول الأربعمائة إلى هذا العدد الكبير من المؤلفات، ولكن ما
__________________________________
1 ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ـ الطهراني ـ 2 / 125 ـ 126.
2 ـ المصدر السابق نفسه 2: 129.