ـ(9)ـ
فهي لم تستطع ـ في ظل غياب الوعي الإسلامي وإقصاء القيادة المبدئية للأمة ـ إنّ تضع حداً لظهور البدع، فاستمرت الانحرافات بأشكال شتى، واستمرت أيضاً الثورات لتصحيح المسار على يد الّذين دخلت ثورة الحسين ـ عليه السلام ـ في وجدانهم وترسخت في نفوسهم وعواطفهم.
ما أردنا في هذا المقال إنّ نقف عند ثورة الحسين رائدة مكافحة البدع في التاريخ، لأنها أشهر من إنّ نتحدث عنها، وأعظم من إنّ نخصص مقالاً لها، بل أردنا إنّ نلمح إلى موقف عظيم آخر اتخذه سليل الحسين العبد الصالح الإمام الحسيني السيد علي الخامنئي لنفض ماران على ذكرى الحسين ـ عليه السلام ـ من بدع هي أبعد ما تكون عن روح الإسلام وروح أهداف عاشوراء.
لقد اهتم الحريصون على "حياة" الأمة بإبقاء ذكرى الحسين ـ عليه السلام ـ "حية" في النفوس، ووضعوا لنا "منهاج إحياء الذكرى" في إطار ملتزم محافظ على تعاليم الإسلام ومبادئه. وعلى مر الزمن ـ وفي ظل غياب الوعي وإقصاء القيادة المبدئية ـ طال منهاج الإحياء هذا ما طال سائر أمور الدين من بدع وانحراف وظهر فيه ما يسيء إلى عظمة الذكرى ورساليتها. وظهر بين الفينة والأخرى من تصدى لهذه البدع، لكن الموقف الغالب منها كان السكوت خوفاً من رد فعل العامة والغوغاء، كما كان هناك من يشجع هذه البدع والخرافات ليعيش على دفئها كما يعيش المشعوذون على دف جهل الناس وهبوط مستوى تفكيرهم.
الانتصار الإسلامي الكبير في إيران نسف أخطر بدع كانت تسود الذهنية الإسلاميّة، تدور حول استحالة إقامة دولة الإسلام، وحول انفصال الدين عن السياسة، وحول عدم إمكان الانتصار على الطاغوت العالمي المستفحل...، وبعد انهيار هذه البدع الكبرى كان لابد من الالتفات إلى البدع الأخرى الموروثة من عهود الانحطاط وضعف الصوت الإسلامي الملتزم. ومع إنّ حياة الغمام الراحل السيد آية الله العظمى الخميني رضي الله عنه وأرضاه كانت مليئة بعد الانتصار الإسلامي بمهام إقامة الدولة، وتثبيت الأسس والمفاهيم، ومواجهة الحرب الطولية الظالمة، لكنه لم يترك فرصة دون إنّ يعلن