ـ(8)ـ
والتمييز العنصري، وبدعة السكوت أمام التسلط الفرعوني، ومن يوم إنّ ولي أمر الأمة ولاة من سفهائها وفجارها، فاتخذوا مال الله دولاً، وعبادة خولاً، والصالحين حرباً، والفاسقين حزباً (1).
لقد ظهر على مر التاريخ دعاة وقفوا بوجه البدع وحاربوها، واسترخصوا كلّ نفيس من أجل إعلان زيفها، وقدموا دمهم ي سبيل مكافحتها، وفي سبيل إعلان حكم الله صريحاً واضحاً بشأنها.
ومرت علينا قبل أيام ذكرى "عاشوراء" الحسين بن علي سبط رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ، التي سجلت أعظم موقف إسلامي ملتزم في مكافحة بدع العصر الأموي، السياسية منها والاقتصادية والفكرية والعقائدية.
وهذه الذكرى ـ وإن اتخذت طابعاً مذهبياً ـ مع الأسف ـ هي في الواقع حدث هام يجب إنّ يعتز بها كلّ مسلم غيور على أمته وإسلامه، لأن صاحبها لم يكن يمثل طائفة خاصة من المسلمين، بل كان يعبر عن آمال كلّ المسلمين الّذين يستهدفون العودة إلى إسلام رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام دون إنّ تشوبه بدعة المبتدعين وانحراف المنحرفين.
مَنْ من المسلمين اليوم لا يعرف مكانة الحسين ـ عليه السلام ـ ولا يجل الأهداف التي أعلنها، ولا يقف موقف إعظام وخشوع أمام جسامة التضحية التي قدمها؟.
مَنْ من المسلمين اليوم لا يعرف فضل الحسين على الأمة بما بذله في سبيل إحياء روح العزة والكرامة والمقاومة والأصلة والالتزام ورفض البدع فيها ؟. فلماذا إذن تبقى ذكرى"عاشوراء" محدودة في إطار مذهبي معين ؟ لماذا لا تتسع لتشمل كلّ من يعرفون الحسين مكانته وأهدافه وتضحياته، وآثار ثورته في مسيرة الحياة الإسلاميّة؟!
وثورة الحسين إنّ استطاعت إنّ ترسم الطريق أمام كلّ المصلحين تجاه المبتدعين،
__________________________________
1 ـ انظر إلى رسالة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ إلى مالك الأشتر لما ولاه مصر، نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: الرسالة 62: 452.