ـ(23)ـ
فقالت: كان خلقه القرآن (1)، أي: إنّ القرآن قد تجسد وتمثل في قوله وعمله، فخلقه نفس القرآن، ولربما لهذا السبب يمكن اعتبار سنة الرسول ترادف كتاب الله تعالى، ويجب على المسلمين اتخاذ الرسول أسوة لهم، فهو المثل الكامل والقرآن الناطق. وقد جاء هذا التعبير في شأن الإمام علي ـ عليه السلام ـ في بعض الروايات.
والآن وقد عرفنا من هذا الحديث: إنّ قول العترة مثل السنة تماماً، وأنه أيضاً تجسيد للقرآن، وأن القرآن بما فيه من المفاهيم المتعالية قد ظهر وتجسد في هؤلاء، ولهذا فهم لا يختلفون مع القرآن أبداً وعن هذا الطريق يمكننا إنّ نجمع بين الروايتين لحديث الثقلين: الرواية الأولى: "كتاب الله وسنتي"(2)، والأخرى: "كتاب الله وعترتي". وشرح ذلك: إنّ قول النبي وقول عترته كلاهما تجسيد لروح القرآن، ولهذا فالعترة والسنة كلاهما يعتبران مع كتاب الله حجةً وسنداً.
5 ـ إنّ العترة ككتاب الله تعالى باقية إلى يوم القيامة، وسوف لن يخلو العالم من هذه العترة، وعن هذا الطريق يمكن الاستدلال بهذا الحديث على ضرورة وجود الإمام صاحب العصر والزمان ـ عليه السلام ـ حيّاً.
وأن جملة "لن يفترقا... إلى آخرها" صريحة بهذا التناسق الزمني، ودوام وجود كلا الثقلين إلى يوم القيامة.
6 ـ المسألة المهمة التي جاءت في وصية الإمام الخميني رضي الله عنه هي: إنّ هذا الاقتران يدل على إنّ ما يجري على العترة هو نفس ما يجري على القرآن، فكما إنّ حقائق القرآن تبقى مهجورة لا يؤخذ إلاّ بظاهرها فكذلك العترة بقي قدرها مجهولاً، وحقها ضائعاً، وعلومها مكتومة، وسوف لا يستفيد من هذه الحقائق والمعارف وهذين الأثرين
__________________________________
1 ـ مسند أحمد بن حنبل 6: 91.
2 ـ رواه الإمام مالك في الموطأ؛ مرسلاً هكذا: (عن مالك: أنّه بلغه إنّ رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قال: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه" (ط كتاب الشعب ص 648، كتاب القدر رقم 3)، وكنز العمال 1: 955.