ـ(183)ـ
والتوبة عن الذنوب بعد الإنابة والإقلاع، والنزوع عما يكرهه الله، والتواصي بالحق والصدق، والصبر والرحمة والرفق، والتناهي عن معاصي الله كلها، والتعليم والتقديم لمن استجاب لله ورسوله، حتّى تنفذ بصائرهم وتكمل، وتجتمع كلمتهم وتنتظم.
ب ـ فإذا اجتمع منهم من يكون للفاسد دافعاً، وللظالمين مقاوماً، وعلى البغي والعدوان قاهراً أظهروا دعوتهم، وندبوا العباد إلى طاعة ربهم، ودافعوا أهل الجور على ارتكاب ما حرم الله عليهم، وحالوا بين أهل المعاصي وبين العمل بها، فأن في معصية الله تلفا لمن ركبها، وإهلاكاً لمن عمل بها.
ج ـ ولا يؤنسنكم من علو الحق واضطهاده، قلة أنصاره، فأن في ما بدا من وحدة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ، والأنبياء الداعين إلى الله قبله، وتكثيره إياهم بعد القلة، وإعزازهم بعد الذلة، دليلاً بيناً وبرهاناً واضحاً قال الله عز وجل: [ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة)(1).
وقال تعالى: [ولينصرن الله من ينصره، إنّ الله لقوي عزيز](2). فنصر الله نبيه وكثر جنده وأظهر حزبه، وأنجز وعده، جزاءاً من الله سبحانه، وثواباً لفضله وصبره، وإيثاره طاعة ربه، ورأفته بعباده، ورحمته وحسن قيامه بالعدل والقسط، في تربية ومجاهدة أعدائهم، وزهده فيما زهده فيهم، ورغبته فيما يريده الله، ومواساته أصحابه، وسعة أخلاقه كما أدبه الله، وأمر العباد باتباعه، وسلوك سليم (كذا). والإقتداء لهدايته، واقتفاء أثره، فإذا فعلوا ذلك أنجز لهم ما وعدهم، كما قال عز وجل: [إنّ تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم] (3).
قال تعالى: [إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر
والبغي](4).
وكما مدحهم وأثنى عليهم كما يقول: [كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون
__________________________________
1 ـ آل عمران: 123.
2 ـ الحج: 40.
3 ـ محمّد: 7.
4 ـ النحل: 90.