ـ(17)ـ
إذن، فحديث الغدير ونظائره قد لا حظ مقام الولاية والحكومة والإمامة والقيادة السياسية، وحديث الثقلين وأشباهه نظر لحجية واعتبار فتاوى أقوال الأئمة. وبتعبير آخر: فإن الأول يتناول الجانب التنفيذي، والآخر يتعلق بالجانب العلمي، مع اتفاقهما على وجوب الإتباع والإطاعة ـ واستنادا إلى هذه النوعين من الروايات القطعية الصدور ـ لهم ما للرسول من هذين المنصبين، وهم خلفاؤه في الجانبين والبعدين: التنفيذي والعلمي.
أهمية هذا الحديث لدى كبار العلماء:
إنّ أحد كبار العلماء الّذين أولوا هذا الحديث أهمية خاصة هو: أستاذنا آية الله العظمى البروجردي (م 1380 هـ) رضوان الله عليه. وإن هذه الرسالة ـ (رسالة حديث الثقلين) ـ طبعت ونشرت بفضل اهتمام هذا الرجل الذي طالما كان يذكر في درسه هذا الحديث، ويشير إلى ذلك في مقدمة كتاب "جامع أحاديث الشيعة"(1).
وكان يبحث عن هذا الحديث بحثاً تفصيلياً خلال دروسه ومحاضراته العامة والخاصة، لاسيما في لجنة الحديث التي كانت تعقد في بيته لتأليف الكتاب المذكور، وقد شاركت شخصياً طيلة سبع سنوات في تلك الجلسات التي خصصت لتأليف هذا الكتاب وكان من ضمن المواضيع التي يطرحها ويصر عليها: مسألة الوحدة بين المسلمين، التي بذل جهده في سبيل تحقيقها، وكان يقول: (إنّ مسألة الخلافة هي مسألة ليست مطروحة الآن؛ لأنها غير موجودةٍ، فلسنا بحاجة إليها في هذا الزمان كي نختلف فيها ونتنازع عليها، والبحث في هذا الموضوع في الوقت الحاضر غير مفيد، ولم يكن مفيداً فيما مضى أيضاً، ولكن الشيء المفيد الآن هو: طرح مسألة المرجعية العلمية للأئمة من البيت عليهم السلام والتي يحتاج إليها المسلمون الآن. نعم هي متفرعة عن مسألة الخلافة.
وبهذا يكون طرح مسألة المرجعية العلمية للأئمة موضوعاً منفصلاً عن طرح مسألة الخلافة المتنازع فيها. ولابد إنّ يفهم إخواننا من أهل السنة إنّ الرسول
__________________________________
1 ـ جامع أحاديث الشيعة 1: 19.