ـ(153)ـ
جمهور المسلمين من: أنّه قد سد، وأغلق على ذوي الألباب...، وقد بين كثير من حذاق العلماء في مذاهب الجمهور: أن هذا زعم باطل وتضييق لا دليل عليه.
فمن المتفق عليه: أن المجتهد هو: من زاول الأدلة ومارسها، واستفرغ وسعه فيها حتّى حصلت لـه ملكة وقوة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي من تلك الأدلة، وهذا ـ أيضاً ـ لا يكفي في جواز تقليده، بل هناك شروط أخر:
أهمها: العدالة: وهي ملكة يستطيع معها الكف عن المعاصي والقيام بالواجب، كما يستطيع من لـه ملكة الشجاعة اقتحام الحرب بسهولة بخلاف الجبان.
وقصارى ما تحمل عليه: أنها حالة من خوف الله ومراقبته تلازم الإنسان في جميع أحواله، ولم تضيق رحمة الله ونعمته وتحجر على عصر دون عصر، أو تفرض على قوم دون قوم، أو توضع لها السدود والأقفال من الأزمان والحساب (1).

آراؤه التجديدية في الحياة:
يعد الإمام المجاهد أحد أهم الفلاسفة الّذين لهم آراء خاصة في الحياة، لأنه استفاد من التجارب واتعظ بالعبر. فقد أدخل في الفقه كثيراً من التطور، وأوجد كثيراً من القواعد الأصولية والفقهية، ورسالته الأخيرة "سؤال وجواب" كفلت في آخرها هذه الآراء. وكان الشيخ ينتزع كثيراً من الفروع وفق ذوق إسلامي سليم ارتكز على فهم النصوص والأخبار والروايات التي يبتني عليها المذهب.
ويمتاز رحمه الله بالجرأة في إعطاء الرأي الذي يراه قد ارتكز على الحجة ومساندة العقل.
فمن آرائه الفقهية السليمة التي عني بها: فتواه بصحة الزواج بالعقد الدائم من الكتابية، في حين أن غيره كان لا يقره إلاّ عن طريق العقد المنقطع، وقد أخذ بهذا الرأي في أواخر أيامه المرحوم السيد أبو الحسن الأصفهاني.
__________________________________
1 ـ رسالة الإسلام: السنة الأولى، العدد الثالث.