ـ(79)ـ
لا يضل من اتبعه، ويكون أقرب إلى الصواب، وأبعد من أنّ يؤدي إلى النزاع والتخاصم.
وتوجد العناصر الأصلية والإطار العام لهذا المنهج في الفطرة الإنسانية التي لا تتبدل بالتربية والبيئة، وقد نص عليه الكتاب بقوله: [فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها..] (1). وقد جاء ذكره في كلام الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ: (كل مولود يولد على لفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)(2).
ومن ميزات هذا المنهج تخلصه من المجادلات الكلامية والمتاهات النظرية، ومعالم الفطرة لا تندرس لوجود "الذكر" "والوحي".
ولا نستطيع أنّ نعد المنهج الفطري بعيداً عن العقل والنقل، ولا الإشراق والهداية الباطنية؛ لأن الفطرة هي: نفس ما جاء في الكتاب العزيز باسم: (الهداية)، قال سبحانه: [يمنون عليك أنّ أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أنّ هداكم للإيمان إنّ كنتم صادقين](3).
وقد يسمّيه "فضلاً" و"رحمةً"، ويقول: [ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحدٍ أبداً] (4).
ويجمع هذا المنهج الحجة العقلية، والنص الشرعي (النقل)، والذوق السليم.
ويضع كل هذه الأمور في مواضعها، ولا يتزمت، ولا يجمد على واحدة من أدوات المعرفة، وأصحاب هذه الطريقة يتجنبون الوقوع في المناظرات الكلامية المعقدة، ويحتجون بأحاديث أهل البيت عليهم السلام والصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ في النهي عن التورط في الكلام والخصومات حسب الإمكان، إلاّ إذا دعت إليه الضرورة، ولقمع شبه المعاندين، وحجتهم: أنّ المتكلمين من فرقةٍ واحدةٍ ومذهبٍ واحدٍ، وقد يصل عدد المسائل التي يختلفون فيها إلى مائة مسألة(5).
ويوجد في طائفة الروايات: الحديث عن الفطرة والطينة وخلق الإنسان عليهما،
__________________________________
1 ـ الروم: 30.
2 ـ صحيح البخاري، كتاب الجنائز: 80، 93 مسند أحمد بن حنبل 2: 223.
3 ـ الحجرات: 17.
4 ـ النور: 21.
5 ـ كشف المحجّة لثمرة المهجة، علي بن طاووس: 11 ـ 20.