ـ(33)ـ
الصحابي، والاستحسان، والاستصلاح، إذ لا حكم قبل ورود الشرع)(1).
فهاجم المعتزلة الذين اختلفوا وتمزقوا من جراء الاستقراء والقياس العقلي، إذ تبع كل جماعة منهم رئيساً، وصل به عقله واستقراؤه وقياسه إلى نتائج خاصة، تختلف كثيراً أو قليلاً عن تلك المستفادة من استقراء الآخر وقياسه.
حتى قال السيوطي: (إنّ واجب أهل الإسلام أنّ يجعلوا الأصول القرآنية والنبوية غاية العقول، ولا يجعلوا العقول غاية الأصول)(2).
لقد حاولنا في هذا العرض السريع الإلمام بآراء بعض المفكرين فيما يتصل بدليل العقل، تمهيداً لمتابعة تأثيراته ومؤثراته؛ لاتصاله بعملية الاجتهاد.
تعريف دليل العقل عند الإمامية:
عرف دليل العقل بتعريفات عديدة من لدن أعلام الإمامية، فقد عرفه صاحب القوانين بأنه: (هو حكم عقلي يوصل به إلى الحكم الشرعي، وينتقل من العلم بالحكم العقلي إلى العلم بالحكم الشرعي)(3).
أما صاحب الفصول فعرفه بأنه: (كل حكم عقلي يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى حكم شرعي)(4).
ولعل أسلم التعاريف من المؤاخذات هو: تعريف الشيخ المظفر، حيث عرفه بأنه: (كل حكم للعقل يوجب القطع بالحكم الشرعي، أو كل قضية يتوصل بها إلى العلم القطعي بالحكم الشرعي)(5).
والذي يجعل تعريف الشيخ المظفر من أسلم التعريفات هو: أخذه للقطع في التعريف، ولعل في تعريفه هذا ما يفسح المجال للظن بأن المقصود: الإدراك المستقل
__________________________________
1 ـ المستصفى للغزالي 1: 127 ـ 135.
2 ـ السيوطي، صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام: 69.
3 ـ قوانين الأصول، أبو القاسم القمي: 2.
4 ـ الفصول في الأصول، محمّد حسين بن محمّد رحيم الأصفهاني: 316.
5 ـ أصول الفقه للمظفر 3: 125.