ـ(198)ـ
ثم كان لنا لقاء مع الجامعيين، وعلى رأسهم: الأستاذ الأديب الشاعر والمفكر المجاهد الدكتور عبد العزيز المقالح رئيس جامعة صنعاء. لقد جلسنا معه في مكتبه بعض الوقت، فألفيناه مفخرة من مفاخر اليمن، بل العرب، بل المسلمين. جمع الرجل بين ميدان الجهاد التحريري من أجل استقلال اليمن، وميدان الأدب والشعر، وميدان العمل الأكاديمي، وساحة الاهتمامات الفكرية الإسلاميّة. وجدنا الرجل مهتماً بإيران أدباً وثورة ونظاماً. فهو قد درس في القاهرة على المرحوم الدكتور يحيى الخشاب، وقرأ الشعر الفارسي، وتأثر بالعطار والرودكي. ولا يزال يحمل في ذاكرته هذه اللغة، وقال: إنه يفهمها ولكن لا يتكلم بها.
وأخبرنا الأستاذ الدكتور: أنّه أنشد قصيدتين عن الإمام الخميني رضى الله عنه، كما هم بتأليف كتاب عن الثورة الإسلاميّة في إيران، ودون مقداراً منه، ولكنه لم ينهه..، وهنا تغيرت ملامح الأستاذ الدكتور وتحدث بلهجة غضب ممزوجة بالأسف عن جريمة الإعلام المضاد الذي أحاط بالثورة الإسلاميّة ، فأعطى صورة مشوهة عنها في الأذهان. وكان سبب عدم مواصلته الكتابة عن الثورة الإسلاميّة هو هذا الإعلام المضاد.
ثم أثنى الأستاذ الدكتور على التجربة الإسلاميّة في إيران؛ لما حملت من توجه حضاري مستقبلي عظيم مشرف، ورجا أنّ يكون الإسلاميون في اليمن وخاصة الإخوة الزيدية مطلعين على هذه التجرية؛ كي يزول ما قد يوجد في الوسط الإسلامي اليمني من تحجر وجمود وتخلف عن ركب الحضارة الإنسانية.
ولم يكتف بذلك، بل أصر أنّ يرينا مشهداً آخر من مشاهد كرم الضيافة اليمني، فأعد لنا مائدة طعام سخية، حضرها جمع من الأساتذة والمسؤولين الجامعيين في جامعة صنعاء. ودارت في هذا اللقاء أحاديث شتى حول الشؤون الجامعية والفكرية.
ثم زرنا مراكز البحوث والدراسات اليمنية، والتقينا رئيسه الأستاذ الفاضل الدكتور أحمد المروني، ووجدنا هذا الرجل أيضاً ممن جمع بين ميدان الجهاد والعمل العلمي. فقد عانى من أجل تحرير اليمن النفي والسجون، لكنه لم ينقطع عن عمله العلمي، ورأينا المركز الذي يشرف عليه ـ رغم ضعف إمكاناته الفنية ـ يموج بحركة تحقيق ودراسة ومطالعة والمؤلفات التي أخرجها المركز تنم عن نشاطاته الواسعة المعمقة.