ـ(178)ـ
يرومون التعريف بمشروع أو أطروحةٍ أنّ يقدموا بين يدي ذلك تعريفاً بصاحبها، وإلاّ فإن العلامة السيد محمّد تقي الحكيم أشهر من أنّ يعرف، وأجل من أنّ أعرض لـه بهذه السطور القليلة:
فهو نجل العلامة المرحوم السيد محمّد سعيد الحكيم، وهو من أسرةٍ عريقةٍ بالعلم والمجد. ولد في النجف الأشرف ونشأ فيها ونهل من نمير العلوم المختلفة. شغل منصب عمادة كلية الفقه في النجف الأشرف، وتولى التدريس والبحث فيها، وتخرج على يديه علماء وباحثون. كما أنّه قام بالتدريس في معهد الدراسات الإسلاميّة في جامعة بغداد وأشرف على عدد من رسائل الماجستير، ثم اصبح عضواً في المجمع العلمي العراقي والمجمع العلمي في القاهرة، وقد أغنى المكتبة الإسلاميّة والعربية بمصنفاته، وخصوصاً كتابه الشهير"الأصول العامة للفقه المقارن" الذي طبع عدة مرات.
أهمية المبادرة العلمية:
إنّ مبادرة السيد محمّد تقي الحكيم لا تكمن قيمتها في أنها لم تسبق بنظير، بل هي مشروع تأسيس يهدف إلى التقريب بين المذاهب الإسلاميّة فعلاً، وقد أشار إلى ذلك بقوله: (فجهد المحاولة هو تأسيس أصول للمقارنة، وحصر المسائل الأصولية وتبويبها، ثم إنها تتضمن ضبط وتطوير أصول للفقه المقارن فيه سعة وشمول نسبيان لمختلف المدارس العلمية)(1).
إنّ أهمية هذه المحاولة التأسيسة لا تقتصر كذلك على أبعاد النهج العاطفي في معالجة أهم مسائل الفكر وأكثرها تعلقاً بصميم العقيدة، بل هي تمتد إلى آفاقٍ أوسع تتمثل بتطوير الدراسات الفقهية والأصولية المقارنة، والاستفادة من نتائج التلاقح الفكري في أوسع نطاق، ومن ثم تقريب شقة الخلاف بين المسلمين والحد من تأثير العوامل المفرقة التي كان من أهمها كما يرى السيد الحكيم: (جهل علماء بعض المذاهب بأسس وركائز البعض الآخر)(2).
__________________________________
1 ـ الأصول العامة: مقدمة المؤلف.
2 ـ المصدر نفسه: 14.