ـ(174)ـ
وجاد لاستطعنا أنّ نكون حصيلة علميةً في هذا الحقل يلجأ العالم ـ كما كان في السابق ـ إلى أنّ ينتهل منها ويتتلمذ عليها.
ولقد كان للمسلمين اليد الطولى ـ بشهادة علماء الغرب أنفسهم ـ في علوم الطب والرياضيات والهندسة والهيئة والنجوم والكيمياء والفيزياء والفلسفة والأخلاق وغيرها، ونلاحظ هنا: أنّ كتبنا الدراسية ـ على العموم ـ لا تحقق ما نصبو إليه من تقديم منهجٍ تربوي سليمٍ قائمٍ على أسسٍ إسلاميةٍ قويمةٍ بل هي إجمالاً مبتلاة بنقائص من أهمها:

أوّلاً: أنها تستقي الكثير من آرائها ونظرياتها من روى غريبة على عالمنا الإسلامي، وتصورات وأفكار لم تنم في جو إسلامي، وإنّما نمت في أجواء مادية غير إسلامية.
ثانياً: أنها تتعرض بإسهاب للمدارس الغربية للتربية وتعرض كثيراً من جوانبها، فإذا بلغت إلى المدرسة الإسلاميّة عرضت منها جوانب متفرقة ونصوصاً متباعدةً، لا تستطيع أنّ تنهض ـ في تصور الطالب ـ بإقامة منهجٍ تربوي متكامل يعالج مختلف المشكلات التربوية الإنسانية. هذا، في حين أنّ ما ذكرناه من كتب وقبلها ما عرضته النصوص القرآنية والنبوية الشريفة من روى حياتية يمكنها أنّ تقدم أروع أطروحة تنسجم مع واقع الإنسان وفطرته، بل إننا لندعي أنّ المنهج التربوي الإسلامي باعتبار قيامه على أساس من نظرية "الفطرة الإنسانية" وبملاحظة ما يقف وراءه من علم نافذ إلى الأعماق وموازن بين المصالح والمفاسد ليشكل لوحده المنهج التربوي الأصيل، وما علينا إلاّ أنّ نجتهد لاكتشاف أبعاده الحياتية.
ثالثاً: ومن الملاحظ في هذه الكتب التي تتداولها جامعاتنا: أنها قد تستند إلى آراء مفكرين مسلمين، لكنهم ليسوا من ذوي الاختصاص في عملية الاستنباط من النصوص الإسلاميّة ، لذلك تأتي استنتاجاتهم ناقصةً أو مشوهة، ثم تقدم للطلاب على أنها الصورة الإسلاميّة المثلى.
ومن هنا فإننا ندعو لنهضةٍ علميةٍ تربويةٍ تعمل على عرض البرنامج الإسلامي