ـ(169)ـ
ولكن خلال فترة طويلة من عهود الضياع والقهر والهوان لم يدع أعداء الإسلام سهماً في كنانتهم إلاّ رموا به الشريعة الغراء، إضعافاً لتمسك أبناء الإسلام بدينهم، وتمهيداً لسم عقولهم بالفكر الجاهلي المادي الحديث.
ومع كلّ تلك المساعي المحمومة المبرمجة، والجهود المنسقة في الكيد والمكر، والأساليب العدوانية الدقيقة الهدامة يقف الفكر الإسلامي العظيم ليركل بقدميه حصاد الحضارة المادية الشرقية والغربية، وليهدم بناء الفكر الجاهلي المعاصر فيدمغه فإذا هو زاهق.
إنا نعلم أنّ أعداء الإنسانية والإسلام من مصاصي دماء الشعوب ومروجي القوانين الوضعية والمبادئ الفاسدة عملوا على تنحية منهج الإسلام عن مجال التعليم والتربية، فمنيت البشرية بألوان الفساد، وهانت كرامة الإنسان، وضربت الفوضى أطنابها في تخوم المجتمعات.
وإذا كان قيام الدولة الإسلاميّة المباركة في إيران بشير خير ويمن وسعادة لجعل الإسلام العظيم يقود البشرية ويحقق لها الاستقامة والاستقرار في السلوك والعلاقات فإن حدة الانحراف لدى الناس والجهود المحمومة لتكريس هذا الانحراف تستلزم استنفار كلّ الطاقات من أجل تحقيق هذا الهدف الكبير.
إنّ من المسائل التي اتسمت في حياتنا المعاصرة بأهمية قصوى هي: مسألة التربية والتعليم. وفي الثقافة الإسلاميّة نجد أسمى وأفضل التعليمات التربوية وأرقاها، مما لا نظير لـه أبداً في ثقافات الأمم الأخرى. فالإسلام على هذا الصعيد لم يغفل حتى عن ذكر أصغر الأمور وأدناها، بل وضع المناهج الدقيقة المدروسة من أجل تربية جيل سالم وصالح ينفع نفسه وينفع إخوانه في الإنسانية، وإنها في الحقيقة لمناهج مدهشة تثير العجب والحيرة. إنّ كتابنا السماوي والأحاديث التي تفسر في الواقع هذا الكتاب وتشرحه كلها حافلة بالحقائق التربوية ودقائقها؛ لذلك ففي الحقبة التي لم يكن الغربيون يعرفون شيئاً ـ حتى فيما بينهم وبين أنفسهم عما يسمى بالتربية والتعليم وكيف يكون ـ كان المسلمون قد ألفوا