ـ(128)ـ
قلوبهم خطرات المال الفتون، واجعل الجنة نصب أعينهم... الخ"
فهل حدث التاريخ أنّ إنساناً يحمل قلبه ثاراً دون ثار الإمام زين العابدين ـ عليه السلام ـ، يدعو بالنصر خاشعاً لجيش يساهم في تسلط أعدائه، ويطيل عمر وجودهم السياسي والسلطوي ؟ كل ذلك من أجل الإسلام وكيان الأمة، وارتفاع راية المسلمين.
الخط العام لسياسة الأئمة مع مخالفي خطهم:
ومع اقتناع أئمة أهل البيت عليهم السلام بخطهم الفكري والفقهي، وكونه الحق، وحرصهم عليه وعلى نشره بين الناس إلاّ أنهم لا يفرضون قناعاتهم على أحد وإنّما يخاطبون العقول، ويتعاملون مع الضمائر والوجدان في برنامجٍ حكيمٍ يلتمس الحجة، ويعتمد البرهان، ويتعامل بالحكمة والموعظة الحسنة. ولذا فإنهم يضعون تعريفاً للإسلام والمسلم لا يلغي الآخرين، ولا يصادر حرية الأفكار والعقول.
يقول الإمام أبو جعفر، محمّد بن علي الباقر ـ عليه السلام ـ موضحاً معنى الإسلام: "والإسلام: ما ظهر من قول أو فعل، وهو الذي عليه جماعة من الناس من الفرق كلها، وبه حقنت الدماء، وعليه جرت المواريث، وجاز النكاح، واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحج، فخرجوا بذلك عن الكفر، وأضيفوا إلى الإيمان"(1).
ويقول الإمام أبو عبدالله الصادق ـ عليه السلام ـ: "الإسلام: هو الظاهر الذي عليه الناس، شهادة أنّ لا إله إلاّ الله، وأن محمداً رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان" (2).
وقال ـ عليه السلام ـ: "الإسلام: شهادة أنّ لا إله إلاّ الله، والتصديق برسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ، وبه حقنت الدماء، وعليه جرت المناكح والمواريث، وعليه جماعة الناس"(3).
وبهذه الأحاديث والمصاديق والمواقف نكون قد أعطينا صورة واضحة عن الموقف الحريص لأئمة أهل البيت ـ عليه السلام ـ على وحدة المسلمين، واجتماع كلمتهم.
__________________________________
1ـ الفصول المهمة في تأليف الأمة للإمام شرف الدين: 21.
2ـ عوالي اللئالي 2: 216.
3ـ جامع أحاديث الشيعة 15: 216.